إليك:
إلى كل إخفاقاتنا الآتية.
…
وكانت ليلة دامية .
في ليل حاد الزوايا والشقوق والأمكنة، سرت كالمخمور بين أزقة المدينة القديمة. لا. فقد كنت مخمورا حقيقة. لم أعرف أي قدر هذا الذي جرني إلى هذا المكان، هنا لا يرغبون بالغرباء! كن مثلهم أو تلاش. تقلص ظهري وأنا أركن الى الرصيف وكأنني سأتلقى ضربة مفاجئة. طمأنت نفسي بعد ذلك'' لا. لن يموت أحدهم قبل الموعد الذي حدد له" !. تنجدني في الكثير من المرات استيهاماتي الدينية تذكرت قول أرغون"أنا أومن بالإله بين الفينة والأخرى". أووف - صحت في داخلي- من الذي أيقظ الشاعر في هذا الوقت بالذات - فليذهب كل الشعراء إلى الجحيم- رددت مرة أخرى بصوت خافت - سوف أنجو-سوف أنجو- هراء. شيء بداخلي يدعوني إلى الاستسلام. تحسست وجهي بيدي. انه دم. بدا السائل الأحمر زاهيا على ضوء أخر عمود إنارة. جررت قدماي المتعبتان حتى ضريح "سي العربي بن السايح" وهناك جلست مرة أخرى لالتقط أنفاسي المتلاحقة. كيف يراني هؤلاء. فلتمدني السماء بسيجارة تشتعل لاشتعل معها. أصوات هنا وهناك.وعلى بعد أمتار قليلة بدت لي سيدة مسنة وهي تتسول رغيف خبز. كنت أصادفها في كل صباح وفي فمها تلك الكلمات المعتادة ''شي خبيزة عالله يا المؤمنين" .
رسالة إلى صديقي اللدود ـ قصة: يسري الغول
إلى صديقي اللدود على الجانب الآخر من الجبهة،،
..........
هل فكرت يوماً يا صديقي أن تخوض عملية انتحارية، فدائية، وطنية؟ (لك أن تسميها ما شئت).
هذا بالضبط ما فعلته قبل ساعات من الآن، وأنا بكامل وعيي ودون تأثير من أحد. ولا يخالجك شعور بأنني أحدثك من البرزخ أو أي مكان سماوي آخر، فأنا ما زلت انتظر الصاروخ. أتذكر حين كتبت مقطوعة أدبية لم أقم بنشرها في أي من صحف الوطن خشية أن تتلصصوا عليها كغيرها من النصوص، رغم أنني موقن من أن رجالكم قد اخترقوا جدران عقلي وعرفوا ما فيه، يومها هذيت في مقدمة ذلك النص: "بين بيتي وبيتي شارع موغل في الموت"، هي الجملة ذاتها التي دفعتني إلى التفكير في العملية الانتحارية تلك. فقد قررت أن أخوض غمارها دون إبلاغ عائلتي أو حتى وسائل الإعلام التي ستمارس كل نزواتها كي تظهر وجه البطولة فيما أفعل.
بذرة الحب ـ قصة : فرح العلي
بذرة الحب التي القتها سناء في قلبه بدأت تنفض عنها غبار الحيرة وتشق طريقها الى النور ومافتئت تنمو وتكبر حتى اورقت بالامل ,,وازهرت بالفرح
وافعمت اعماقه بعبق ساحر لذيذ ,بشيء كالنشوة كالحلم ...شيئ غامض ,يدغدغ النفس باشواق مبهمة وحنين جارف ,ويمنح الروح رقة وخفة وقدرة على التحليق ,وكأنها طائر رشيق يرفرف باجنحة في دنيا مسحورة كل مافيها جميل وبهيج ,
اهكذا يفعل الحب ؟؟؟
هذا ماراوده صباحا وهو يستيقظ على طيف سناء يمس روحه مسا لطيفا ليوقظها من رقادها ,ويطلقها في عالم من الصفاء والحبور ...
وانبثق في اغواره تفاؤل عارم , فشعر برغبة للانطلاق ...للعمل ...للضحك...للطيران
كارهُ المطر ـ قصة : خيرالدين جمعة
كان اليوم الذي كرهتُ فيه المطر غائمًا طويلاً وموحلاً ، لم أتصوَّرْ أن ذلك سيحصل لي و لكنه حصلَ و أهالي قريتي كانوا سببا في ذلك لأنه فيما بعد سينعتني أصدقائي في المدرسة بـِ " كارهِ المطرِ " ، و إلى الآن لم أعرفْ لماذا رضي الأهالي أن ينام الأموات عند الهضبة وسط القرية في حين فرَّ الأحياء إلى الأطراف حيث بساتين الرمان والبلَحِ ، استقرَّ الأموات غافين في سعادة باهتة عند المقبرة بسورها الأبيض البسيط و غير بعيد عنها مدرستنا الابتدائية مدرسة " سيدي عبد الرحمان" العارية من أيِّ سور تصافحُ الطريق الترابي و البرد كل صباح ، وكان الشتاء يصفعنا كل سنة بلا رحمة و لكن ذلك يمرُّ بعذوبة نظرا لتلك الألعاب الصغيرة التي كنا ننفق فيها أيامنا كلَّما خرجنا من المدرسة .
نداء الحب ـ قصة : مجدي السماك
كلما خطر إلى بال سمير طيف خطيبته سلمى كان قلبه يخفق وبسرعة يدق.. ثم تتعالى دقاته حتى تتحول في لمح البصر إلى رنين، يسري كهرباء في شرايينه فيملأ كل كيانه. ويبقى هكذا كمن غاب عن الدنيا وغاص عميقا في عالم ليس له وجود.. فيحس كأن جسده كله يضيء.
مع هذا لم ينس أن يمد يده كي يتحسس قارورة العطر النسائي التي دسها في الجيب الداخلي لبذلته الرمادية.. التي اشتراها وهو عائد من رام الله قبل يومين. ثم أخرجت يده القارورة وراح بعينين ضاحكتين يتفحصها كأنه يراها لأول مرة. بعد هذا وللمرة العاشرة رش رشة خفيفة على ظهر يده.. فأحس بكفه وهي تتحول إلى قطعة عنبر يحترق. وبمنتهى الرفق صعدت كفه إلى أعلى حتى لامست أرنبة أنفه المدبب.. فصار يشم، وينتشي. وعلى الفور سمع صوتا كرجع الصدى راح ينبعث ويسري من داخله إلى داخله: الله.. الله.. هدية رائعة تليق بخطيبتي سلمى.. أروع هدية أقدمها لها من يوم ما تعرفت عليها.
ابـن زاكـورة، يا ابـن أمــي:عـذراً لأنـهـم تـعـمّـدوا قـتـلَـك !! ـ نص : ذ. محمد بوشيخة
إلى شهداء الثلاثاء الأسود؛ أبناء زاكورة الحبيبة ومَـنْ معهم.
ابن زاكورة، يا ابن أمي، نم هنيئاً في قبرك، ودع للزمان وحده الانتقام لروحك، أنت مَـنْ اعتبروك مذ ذاك الزمان السحيقِ السحيقِ مجردَ حارسٍ للتراب في ذاك المكان البعيدِ البعيدِ.
ابن زاكورة، يا ابن أمي، لا تضجر، اهنأ بمرقَـدك الأخير، ولو بموتة شنيعة، لم تستحق عليها ولـو يوماً حداداً وطنياً، لا، ولا دعاءً مخصصاً منبرياً، شأن ضحايا وطنيين هنا وهناك.
ابن زاكورة، يا ابن أمي، لا تلتفتْ لما يأتيك من أخبار عـن سبب موتك، واحتسب أمرك لخالق الحجر والبشر.
رسائل من قلبي إليك... ـ نص : ضحى عبدالرؤوف المل
يسألون عن سرّ ابتسامتي... هي شرود!.. هي ذهول!... هي خيال!... هي أنثى مُغمضة العينين... فإن متُّ في دنياك، لا تعتذر، بل طوِّق بكفيك وجهي وقل: حبيبتي بين كفيكِ أبقيني..
آن رجوعي إليكَ... كيف لا أزهو!؟.. وأنتَ كضوء اليه يجذبني. ضمَّ أصابعي واجعلها أقلاماً، ففي ميلادك تمّ سرّ تكويني...
إن شئتَ إبق!.. وإن شئتَ غادر... كل مكان ما زال عطركَ فيه يُبكيني... لا تخش دمعتي ولا تخش انتحاري، فأنت الروح التي تُحييني..
حبيبي...
مقامة الفيلودوكس- ناصر السوسي
حدثني في من أعرف من الناس وهو الأصلع ابن حنين عن أحوال الفكر فمضى يقول هذا الذي احتـفـظت به على سبيل الذكر: صاحبي فيلودوكس بأطياف قوس قزح، يتهادى مغرورا في ديجور جهل الجاهلين. يتغنى بأفكار مر عليها مرور الكرام العابرين. أو حلم بها من وريقات كتب بلون اليرقان نظير"قـرعة الأنبياء" العزيزة على قلبه، وقلوب أشكاله من المتحلقين، وأمثاله من المتحذلقين. يدثره ثوب قشيب عجيب يتوسل به وقارا بصنعة زائدة؛ مؤملا أن يضفي ويسبغ على كلامه فائدة.
يطل عليك في الجمعات كيما يفرق لغطه شذر مذر؛ وهراءه كما له بدر، ساعات معلومة، تضحى خلالها محبة الحكمة حشمة مكلومة، يشمر فيها على ساعديه فيعجز على مدارها عن لملمة أحرف نمقها من غير أن تستقيم في فيه الذي ينطقه هوى وجهلا؛ لا تبصرا وعقلا.