إن اهم ما يميز الأصولي ، هوانه يعيش مأزقا وجوديا عنيفا يتمثل في صراع بين التشبت بفكر و ثقافة ينتميان إلى القرون الوسطى و واقع حديث بإشكالياته و تساؤلاته وهمومه.إستبداد وهم الوفاء للقديم ، يجعل منه فنانا بارعا في لي واقعه الحديث ليستجيب لإيديولوجية ترى الحقيقة في يد أشخاص معينين في فترة معينة و في مكان محدد و ما التاريخ سوى دروس لتكريس هذه الحقيقة ؛ إنه فعلا الإنتفاء الوقح لبعد الشرط الزمكاني للأحداث و النفي المرضي للتطور. فكرة الحقيقة كما يفهمها الأصولي ،تستبد به و ترميه في سجن نسقي لعقله عبر ميكانيزمات و آليات ترى ،عبر مازوشية فكرية قوية، الدفاع عن لحظة الحقيقة هاته ضرورة وجودية و" جهاد" دماغي لمحاربة كل عقل يحاول أن يعيد " للحقيقة " شرطها الزمكاني . علاقة الأصولي بواقعه هي علاقه صراعية بالضرورة ، يستعمل فيها أدوات إنتاج معرفية عتيقة للتملك و السيطرة على واقع أفرز عبر تطوره وضعا جديدا تجاوز هذه الآليات ؛ فينتج عن هذا عقلا مسخا مشوها ووجودا فصاميا عنيفا مستفيد من جرعة هائلة من النفي المرضي للواقع و إعلاء شرس للوهم . التفكير المشوه للأصولية يعتمد على مجموعة من الأدوات المعرفية الرثة و التي يمكن تحديدها كمايلي:
- إنتفاء البعد التاريخي : كما أشار إلى دلك المفكر المصري نصر حامد أبوزيد في كتابه المهم " نقد الخطاب الديني " فالفكر الأصولي لا يعطي للبعد التاريخي أهمية في قراءته للأحداث ،حيث يمكن أن نقول إنه يتمثل التاريخ في عقله كحركة بسيطة للذهاب و الإياب إلى لحظة الحقيقة التي يؤمن بها، فهو يعلن موت التاريخ بعد هذه اللحظة، ليحكمه الموتى في تحديد مصيره ، ويعيش ازمة حداد مع ماضيه ليتحول الى "زومبي " ثقافي يقدم عقله قربانا لماضيه؛
- منهج الإجتهاد بدل الإبداع : الوفاء للحظة الحقيقة هدف وواجب وجودي للأصولي ، فدرجة إخلاصه تحدد مدى كينونته . الوفاء يعتمد منطق الإجتهاد و يحتقر الإبداع ( الاصوليين معروفين بمحاربتهم للإبداعات بجميع أصنافها )؛ فالأول يحافظ على النسق المعتمدو يحميه أما الثاني فهو خطر داهم لأنه يكسر اليقينيات و يهدم البديهيات و يعلن ميلاذ الجديد؛
- المطلق قاعدة و النسبي إسثثناء: الإطلاقية خاصية مهمة تميز التفكير الأصولي ؛ فهي من تعطي " هوية " لحقيقته و تجعله مرتاحا لتناقضاته و قناعا جميلا يغطي عجز مسايرة عقله للتطورات و الأحداث الدي يعرفها و اقعه ، أما النسبي فهو إسثتناء لخدمة البرغماتية التي يفرضها اليومي و المعيش ( الاصولي الإسلامي علماني جدا في توظيف المال و التكنولوجيا الحديثة )؛
- الإيمان بأن الإنسان جزيرة: الخصوصية و التميز عن الآخر مقولات مستعملة بشطط في خطاب الأصوليين ، منطلقين من إختلاف يرونه ضروريا لرفض الفكر المختلف فثكثر التنائيات المولدة " للجزر " وشيطنة الآخر ؛ نحن-هم، الله-الشيطان - العدو-الصديق، حضارتهم -حظارتنا، قيمهم-قيمنا....
- منطق التماثل بدل الإختلاف : يميل الاصولي الى نمذجة البشر و فق برمجة فكرية ووجودية معينة ؛ فهو يرى الآخر، وفق تصور مسبق مستبد بعقله يتميز بالصلابة و التحجر وبالاعتقاد المتطرف بصحته، إما تجسيدا لهذا التصور و بالتالي قبوله ، أو بعيدا عن قالبه الفكري وبالتالي يسعى الى شيطنته ؛
- أدونة الجديد و إغتصاب روحه: الوضعية المأزقية نتيجة إنتفاء البعد التاريخي فكرياو مواجهة الجديد واقعيا و حياتيا ، يجد الأصولي حلها في برغماتية إنتهازية ترى في الجديد مجرد أداة بدون فلسفة و ثقافة تؤطرها ، وهذا ما يميز تعامله مع مختلف الوسائل والمفاهيم المشكلة للحداثة : التكنولوجيا الحديثة ، الاداوت العصرية ، مفاهيم حقوق الانسان ، الديمقراطية ، العلم ، ثورة الاتصالات والمعلوميات .....
- الإعلاء من الهوياتية : الأصولي يتقن البحث عن النقاء الهوياتي ،ويفضل محاربة الإختلاف و يعيش بالتمسك بمفهوم تابث ، و غير مرن و غير متطور لمفهوم الهوية . لأنه بهذا ينسجم مع نسقه الفكري المبني على حدود صلبة يضعها في تاريخه ووجوده و حضارته و حقيقته ؛
-خلق و تقديس الوسائط : كل وسيط حامل للحقيقة التي يؤمن بها الأصولي هو مقدس ؛ فهو الضامن و الحامل لسيرورتها و إستمراريتها مما يجعله جزء منها، وهو ما يجعله موضوعا للسمع و الطاعة . فالحقيقة في نظر الاصولي تتشخصن في حاملها مما يجعل هذا الاخير مقدسا و معصوما ، وهذا هو السر الحقيقي في تقديس بعض الشيوخ و الامراء في التنظيمات الإسلاموية ؛
الاصولي بالضروررة يعيش أزمة وجود و لهذا فهو يقدس ثقافة الموت و يخشى الحياة ، فيصل بتمثله لحقيقته و تجسيدها إلى إعتبار الآخر وسيلة فقط خلقت من أجله سواء لنقله إلى الجنة ( عبر عمليات إرهابية ) أو إستغلال إنتهازي لمنتجات الآخر ( الم يقول أحد إرهابيي 16ماي المغربية أن الغربيون دواب لنا خلقوا ليصنعوا لنا في الوقت الذي نقوم بعباداتنا) ، أزمته هذا لاتجد حلا سوى بثورة عنيفة ضد ذاته و وجوده ورؤيته ليتصالح مع و اقعه و عصره؛ و هذا لايتأتى إلا بثورة في البنية الإجتماعية سياسة و ثقافة و إجتماعا تجعل من الحرية و التقدم و الحداثة و قودا للأوطان الجديدة.