anfasse02096هيغل؟! كل الفلاسفة مروا من هذه العمارة الفلسفية الشامخة وسكنوا هذا المعبد وافتتنوا بأعماقه الديالكتيكية الموحدة بين الذاتي والموضوعي، بين الفكر والوجود، بين العقلي والواقعي، الكلي والجزئي، العياني والتجريدي، الواجب والحق، الضرورة والحرية، الحياة والمعرفة، الهوية والاختلاف، المطابق والنقيض، المادة والصورة، الجوهر والعرض، العلة والمعلول، الوحدة والكثرة، الوجود والعدم. كل الفلاسفة سكنوا هذا المعبد الهيغلي، وحتى من أبدى عقوقا وهجره، ظل يكن له الاحترام والوجل، أو يقتبس منه فكرة أو مفهوما. تأثير الكتابات الهيغلية، وخاصة المنطق وفينومينولوجيا الروح، كان كبيرا على كل العلامات الفلسفية المعروفة: ماركس، كير كجارد، هوسرل، هيدجر، كوجيف، هيبوليت، باتاي، لاكان، فوكو… الخ. كل العمارات الفلسفية وقفت على أساس فكر هيغلي، وخرجت من تحت معطف المنطق أو فينومينولوجيا الروح:  الماركسية، الوجودية، الفينومينولوجيا.
يصعب استجماع شمولية الفكر الهيغلي، فهو لقوة تجريده كان ورشة للكشف المستمر منذ وفاة مؤسسه إلى الآخر. دفعت تحولات في بنية التاريخ بأجيال من الفلاسفة ومترجمي النص الهيغلي إلى تدشين قارات جديدة لقراءة هيغل. لكن كيف ننسج خيوط علاقة قائمة أو ممكنة بيننا وبين هيغل هنا والآن؟ أية علاقة قد تربطنا في المغرب كمكان وفي فجر الألف الميلادية الثالثة كزمان بهيغل الفيلسوف الصارم فلسفيا حد توحيده بين الفكر والوجود توحيدا قاسيا سياسيا وتاريخيا، وهو التوحيد الذي ينتهي إلى إقصائنا من التاريخ واعتبارنا جزءا صغيرا ملحقا بأوروبا. من هنا يكون مبتدأ العرض الذي اقترح تشطيره إلى مشاهد وصور تتوزع بين مراحل تبدأ من أوروبا خاصة ألمانيا وفرنسا، ثم شمال إفريقيا، لتصل إلى أمريكا. كيف قام هيغل بهذه الرحلة؟ وكيف تمكن النسق الهيغلي من إنجاز رحلته؟ هل كان فيلسوف هيدلبرج ويينا مقبولا ومستساغا في هذه الأصقاع والأمكنة؟ بتعبير أوضح: هل باستطاعة النظرية الفلسفية –خاصة حين تكون حاملة لأحكام مشبعة بفلسفة التاريخ- أن تحقق الترحال والانتقال بالرغم من قساوتها في حقنا؟

anfasse02095لقد أشكلت الفلسفة على الإنسان أيما استشكال واستعصت على الفهم أيما استعصاء سواء من جهة العبارة أو الفكرة أو المنهج أو الموقف. ولقد زاد هذا الغموض عند قيام الاتجاهات الفلسفية وبروز الفلاسفة الكبار واكتساح المدارس الفكرية والمذاهب العلمية واندلاع نزاع العمالقة حول الوجود.
إذ تبدو الفلسفة من جهة أولى تجربة فكرية صعبة تجلب الحيرة والارتياب وتوقع الذهن في الكثير من المزالق ومن جهة أخرى يمكن حفظ قواعدها واستعمال طرقها في الحياة والتعويل عليها في التطور.
لم تقل هذه الحيرة ولم يتناقص هذا الالتباس إلا عندما تم اعتبار الروح الفلسفية هي بلوغ نصيب من المعرفة بشكل متأني بالاعتماد على مسالك منهجية معلومة والتمتع بجرعة من سعادة الحكمة المرحة.
لقد ربط الفلاسفة حينئذ التفكير بالحياة والمعرفة النظرية بالاهتمام بالمعلومات المفيدة وجعلوا عملية اكتساب الحقيقة مقترنا بإنتاج المنفعة وصناعة الذكاء وابتكار الآلة واختراع القانون وإضفاء القيمة.
بيد أن الفلسفة ليست مذهبا تام التكوين ولا عقيدة جامدة تشكلت بصورة مكتملة ولا تتضمن نسقا مغلقا وإنما هي فلسفات أوجدها العديد من الفلاسفة وتوجد في التاريخ وترتبط بالواقع وتعرف حدوث عدة تغيرات والكثير من المراجعات بحيث تتجدد فيها المفاهيم وتنمو عبرها المناهج وتتوالد المقاربات.

أمام دعاوي موت الإنسان، وانتهاء الفلسفة، وتفكيك العقل، والانتصار للاعقل، يلاحظ هابرماس، بنوع من الهدوء أنه "في العشر سنوات الأخيرة، أصبح النقد الراديكالي للعقل موضة". هذه الموضة نفسها طالت حتى هوامش الحداثة، وخاصة في الآداب؛ حيث ساد التأثر بكتابات ديريدا المستندة على البنيوية واللسانيات. وبذلك دخلنا في علاقة وحيدة الجانب مع الحداثة، نستقبل ما هو جديد وفاتن ومغر!
 
أولا: من هو ديونيزوس؟
ديونيزوس Dionysos هو إله الخمر والسكارى في الميثولوجيا الإغريقية، وهو من بين أهم الآلهة عند اليونان. كانت ولادته غريبة، كما كانت حياته بئيسة. ولد في ظروف جد معقدة، فهو ابن للإله زيوس Zeus وسيميلي Sémélé (وهذه امرأة وليست إلهة)؛ لذا كانت الولادة من الأب وليس من الأم. أخرج زيوس من أحشائه ديونيزوس الصغير، واحتفظ به في فخده لمدة ثلاثة أشهر لكي تكتمل ولادته بشكل "طبيعي". وقد أثارت ولادة ديونيزوس حقد وغيرة هيرا Hera (زوجة زيوس)، مما اضطر معه زيوس لتحويل ديونيزوس الصغير إلى بنت وسلمه إلى أثاماس Athamas وإينو Ino ليتعهداه بالرعاية والتربية. ولكن الإله الصغير لم يسلم من شر هيرا التي سلطت الجنون على أبويه بالتبني (أثاماس وإينو)، مما دفعه إلى الهجرة بعيدا حيث حوله زيوس إلى جدي –قصد التمويه على هيرا- وهناك تعهدته بعض الحوريات بالرعاية.

"هجين موقفنا من أنفسنا"
نيتشه
"علاجنا صعب أكثر، لأننا لا نعرف إن كنا مرضى"
سنيكا
مقدمة
    حين سئل فوكو عن الأعمال التي ستلي المؤلفات التي كتبها حول "تاريح الجنسانية"(1)، أجاب: "سأهتم بنفسي".
تلقيت "صيحة" ميشيل، هذه، فوق أعالي جبال الأطلس الكبير، ولازلت أسمع صداها يخترقني كما اخترق الشعاب المحيطة بتلك المدينة الصغيرة المزينة باشجار اللوز×. إن جواب ميشيل فوكو أضحى بالنسبة لي ول"الآخرين"××، "لازمة"، نكررها صباح مساء للدلالة على ضرورة العودة إلى الموطن والمأوى الخاص. فموضوعة "الإهتمام بالنفس" ستصير رهانا وجوديا مهما لفئة من الباحثين عن المعرفة، فئة لا تعرف نفسها وتجهلها. وثمة سبب وجيه، فنحن لم نبحث عن أنفسنا بعد، ذلك أننا نبقى بقدرة قادر غريبين عن أنفسنا، لا نفهم من أمر ذواتنا شيئا(2). تطلبت منا هذه العودة، التزام الصمت والعمل في هدوء، مع إقامة طويلة قرب "المنابع". مع مرور الأيام، اتضح لنا أن لازمة "الإهتمام بالنفس"، تطرح إشكالات فلسفية وتاريخية وإيتيقية ووجودية، إذ لا يكفي تكرار اللازمة حتى تتحقق مفعولاتها، بل كان من المستعجل القيام بعمل ما، والشروع فعلا في البناء. ستتحول "صيحة" فوكو إلى رغبة قوية للبحث في مفهوم "الإهتمام بالنفس"، وسيصير هذا الفيلسوف مرشدا لنا أثناء إنجاز هذا العمل. لكن بعد عشرين سنة، لازال مفهوم "الإهتمام بالنفس" يثير الاسئلة المحرقة والإشكالات الصعبة، مع غياب الدلالة الذي نعطيها للعبارات المرادفة لهذا المفهوم(3). نرغب في هذه المقالة، الإقامة وسط دروس فوكو الحاملة لعنوان:"تأويل الذات"(4)، للوقوف على مفهوم "الإهتمام بالنفس"، وإزالة الغموض عن بعض الإشكالات التي يطرحها هذا المفهوم، مع الزج به في النقاشات الدائرة حاليا حول أزمة الذاتية المعاصرة.

 " لم يكتف ، من خلال السفر، باكتشاف أجنَبَةِ العادات الأخرى، بل وكذلك بأن ثقافة المرء بحد ذاته لا تقل غرابة، بل وإثارة للضحك، فيما لو رآها بعيني الآخر. هذه هي، برأيي، نقطة الصفر في الفلسفة. كل فيلسوف يتبنى لحظة التهجير هذه."1[1]
ليست الترجمة ضرورية ولازمة للفكر الذي يشتغل عليه الكائن البشري في وجوده في العالم فحسب وإنما هي أمر حيوي وتجربة حاسمة قصد بلورة فهم الذات وبلوغ التفاهم مع الغير.
لذلك يمر ردم الفجوة بين الأنا والآخر ورفع اللبس الحضاري بين النحن والهم وإزالة سوء التفاهم التاريخي بين العرب والغرب عبر تمتين جسور الترجمة التوليدية وتنقية مقاصدها.
في هذا الإطار تحتل الترجمة الفلسفية مكانة مرموقة في سبيل بناء مشروع استراتيجي للأمة وتحيين العقل العربي والوحي الإسلامي في راهن الدراسات المعرفية وحاضر الفلسفة الحية وفي اتجاه عقد محادثة كونية بين مختلف الألسن التي لازالت تشارك في كتابة نص الوجود.

تمهيد:
        بدأ مصطلح ما بعد الحداثة (postmodernisme / postmodernité) في الانتشار بعدما تكرر استخدامه في الثلاثينيات من القرن العشرين في مجالات عديدة منها التاريخ، والحضارة، والفلسفة، وعلم الاجتماع، والهندسة، وكان النقد الأدبي أحد المجالات التي وظفت مصطلح ما بعد الحداثة، غير أن معاني المصطلح ودلالاته لم تكن واضحة تماما، ولهذا فإن وضع تعريف واحد، وثابت لنظرية ما بعد الحداثة أو فكره أو زمنه أو ثقافته يعد تناقضا مع أهداف هذا الفكر الذي كثيرا ما يبني تصوراته بعيدا عن فكرة التحديد، بل إنه في نظرياته ومفاهيمه كثير الهروب من طرق الفلسفة الجوهرية في التفكير التي تحدد ماهية الأشياء، فهو نابع من تحول تاريخي شهده الغرب صوب عالم جديد تسيطر عليه الرأسمالية التي لا زالت تتطلع إلى عالم تكنولوجي ذو نزعة استهلاكية، يتم فيه صناعة ثقافة غير مستقرة سريعة التبدد والزوال.

" المسافر: ماذا علي أن أفعل؟
الظل: امض تحت هذا الصنوبر وانظر الى جبال وراءك، فالشمس قد مالت نحو المغيب.
المسافر: أينك؟ أينك؟"
  فريدريك نيتشه، المسافر وظله
ليس الفيلسوف فقيها يظل طوال حياته حبيس النسق اللغوي للنص ولا يتحرك إلا ضمن دائرة قواعد المرجعية ولا يجتهد إلا في صلب المدونة التقليدية ولا يستنبط إلا في إطار موازنة الكليات والأصول.
ليس الفيلسوف شاعرا يتلاعب بالكلمات ويراق الأجساد ويعيد تشكيل الصور ضمن رؤية تخييلية للوجود بغية التأثير في الناس وتوجيه الأنظار نحو مساحة ضئيلة من الدنيا يغمرها ظلام ليل حالك دون رجعة.
ليس الفيلسوف سياسيا يقامر بثروات حزبه من أجل الفوز في معركة غير متكافئة ويخلط بين بعيد المدى والقريب من الأفق ويضيع الفرص السانحة لضبابية في الرؤية وغياب الحدس وتغليب الظن على الحكمة.
ليس الفيلسوف تاجرا يختار من الكلام ما يناسب البضاعة التي يروجها ويقتني من الزبائن ما يجني به الأرباح ويغطي على المغشوش من المعروض بحسن الخلق وطلاوة اللسان ويجعل من المال هدفه الأول.

مقدمة
     ترجع كلمة "زهد" إلى أصل قديم، لكنها خضعت لتغيرات كثيرة، تحولت بموجبها إلى قناع تتلبسه شخصيات دينية وفلسفية وأخلاقية. وللكلمة حمولة معرفية وقيمية تضفي على كائن الزهد روحانية مفرطة، أشك في معرفتنا لكيفية تشكلها واكتسابها. لذلك أدعو القارئ الكريم، إلى جولة على ضفاف حوض البحر الابيض المتوسط، للوقوف على تاريخ تشكل الممارسات الزهدية، مع عزل المشكلات التي طرحتها طفولة هذه الكلمة، والتي تتطلب منا الشجاعة في قول حقيقتها. هذه الكلمة التي لاقت رواجا داخل مختلف الجماعات البشرية في الشمال الإفريقي ومصر وفلسطين وسوريا وفارس وأسيا الصغرى وبلاد الإغريق وإيطاليا والغال...، وداخل المجموعات الوثنية والدينية، والطوائف اليهودية والمسيحية، والمدارس الفلسفية كالفيتاغورية والسينيكية والرواقية والأبيقورية. من اللازم التذكير أولا برغبة العرافين والرهبان والفلاسفة في تحقيق "الإنظباط الذاتي" عن طريق إضفاء مثل زهدية على حياتهم، وتبني أفكار وممارسات تقشفية ذات علاقة بنظرة معينة للذات وللآخرين وللحياة، وثانيا بالخدمة المجانية التي قدمتها الفلسفة منذ بداياتها الأولى للمثال الزهدي في الوقت الذي لم تكن قادرة على السير لوحدها، وعلى تعلم الحياة والإستمرار دون رعاية وسند. لكن مفهوم "الإنضباط الذاتي" اختلف بين زهد رجال الدين وزهد الفلاسفة؛ فإذا كان الأول يهدف إلى إنكار الذات، فإن الامر يتعلق في الثاني بالإلتحاق بذات النفس باعتبارها موضوعا، وغاية لتقنية في الحياة، ولفن في الوجود.

" ينبغي أن تتعرض التربية إلى تحول كلي على ضوء هذين الواقعين: العدد الراهن من الناس والعجز الذي يوجد فيه الكثير منهم والذي يمنعهم من الوصول إلى الثقافة كما وقع تكوينها بصورة تقليدية" [1]
 يطرح أنطونيو غرامشي المسالة التربوية ضمن تناوله للمشكل الذي يمكن إثارته حول الزوج المفهومي الحضارة والثقافة وفي إطار حرصه على تكوين المثقفين تكوينا ثوريا وتنظيم الثقافة وإصلاح المدرسة بحيث تمنعا ظهور المثقفين العضويين والأكادميين المحافظين وتنتج مثقفين عضويين وأطرا ثورية [2].
من هذا المنطلق يرفض غرامشي وجهة النظر التي تقول بها الفلسفة المثالية حول عبارة اليوتوبيا السياسية التي تمنح للمفكرين والمثقفين وضعا استثنائيا وتعترف باستقلاليتهم ضمن المجال الإيديولوجي والسياسي.
و يمتحن مسألة إنتاج النخب الفكرية وتكوين شريحة من المثقفين العضويين داخل مجموع الأطر التربوية والمؤسسات التعليمية التي تمدرسوا فيها وضمن المناخ الفكري العام الذي أنتج تصورهم للعالم وللإنسان.

مقدمـــــــــــــــــــة
يبدو من نافلة القول بأنّ محمد سبيلا من المتفردين بمسألة الاهتمام بالحداثة وما بعد الحداثة، وهذا باد في جلّ كتاباته الفكرية. حيث تطرق بالأساس إلى أسس الحداثة و مخاضاتها، وولادتها ونشوئها، فهو الجامع لمحكياتها، وكاتب مروياتها، لكي يستأنس لها القارئ المغربي ومن ثمّة سبل استيعابها ثم استلهامها أو نقدها، وجعلها من منظورات خاصة، بمثابة إخراج لنا من الخندق الذي غارت فيه مجتمعاتنا العربية. ومن هنا تأتي أهمية كتاب "الحداثة وما بعد الحداثة" كصدى لهذه السياقات العامة، ونموذجا لمقاربتها في السياقين الكوني والخصوصي.
1.  القراءة الأفقية
إذا توجهنا بداية إلى المستوى الأفقي- السطحي لهذا الكتاب من جهة، فهو متوسط الحجم، بلغت عدد صفحاته 112 صفحة، في الطبعة الثانية من نشر دار توبقال، سنة 2007، علما أنّ الطبعة الأولى كانت في بداية الألفية الثالثة (2001)، وعلى مستوى فهرسة الكتاب فيمكن تقسيمها إلى خمس مستويات:

" ظهرت العديد من الأفكار الى الوجود على شكل أخطاء وأوهام ولكنها صارت حقائق لأن الناس جعلوا موضوعها حقيقيا بعد فوات الأوان" – فردريك نيتشه- إنسان مفرط في إنسانيته،II، شذرة 190.
لقد أيد ديكارت في السياق اللاتيني تأويل ميتافيزيقا أرسطو حينما ضرب مثال عن الفلسفة الأولى في رسالة التصدير للطبعة الفرنسية لكتابه مبادئ الفلسفة باستعارة الشجرة وقارن بها مجموع العلوم حيث "الجذور هي الميتافيزيقا والجذع هو الفيزياء والأغصان التي تتفرع من الجذع هي كل العلوم الأخرى".
على هذا النحو إن الميتافيزيقا هي معرفة الله والنفس بواسطة العقل الطبيعي. وبرهنته على ذلك أن الفكر يطمح لبلوغ المطلق سواء بالمعنى الوجودي أو الأخلاقي بواسطة الحدس العقلي والاستدلال الرياضي. وبالتالي الميتافيزيقا هي جذر شجرة العلوم ولا تبحث في الله ووجوده وصفاته وفي النفس وخلودها فحسب وإنما تبحث أيضا في المبادئ التي تقوم عليها العلوم وفي أسس المعرفة بوجه عام. ومن هذه الناحية يهتم بالفلسفة بصفة عامة وبالميتافيزيقا بصفة خاصة ومعناها الحكمة ويقصد بها الفطنة التي يجب أن يتم السلوك في الحياة وفقا لها بل المعرفة الكاملة، وبالتالي فإن الفلسفة الأولى معرفة العلل الأولى والمبادئ القصوى[1]. إن مضمون الميتافيزيقا هو تفسير الصفات الرئيسية المنسوبة إلى الله وتفسير كون أرواحنا لا مادية وإيضاح كل المعاني الواضحة القائمة فينا. أما منهجها فيقوم على استنباط النتائج من المبادئ. هكذا تبحث الميتافيزيقا عند ديكارت في أسس المعرفة وتشير إلى معرفة الأمور المعقولة.