anfasse.orgمن كان في حِلٍ مما يعوق وصلَه بمحبوبه وقال: أحِبُ.
فإني في تصديقه بين شك و يقين،
لأن الثبات على التعلق بالشيء دون وجود ما يعكر صفوه،
قد لا يقوم دليلا على المثال فيه.
أما من اجتمعت عليه صروف الدهر تقصم ظهره،
و ظل ثابتا على هواه يقول: أحب .
لا يرى عمن يحب بديلا،
فإني مصدقه إطلاقا لشهادة الحال عليه،
في المعنوي منه قبل المادي،
لما يكابده من تمزق و صراع.

anfasse.orgالمشهد الأول  :
صاح المخرج بعصبية  :  أكسيون......
الأضواء خافتة ، تحركت الكاميرات في إتجاهات مختلفة ، ترقب الجميع تصوير المشهد الأخير والإحتفال.....إقترب منها ضمها إليها برفق وقبلها ....تحسس عنقها براحتيه ثم بدأ يضغط .....جحظت العينان وكتمت الصرخة ...إنسابت دمعتان من مقلتي مساعدة المخرج.....رفع عنها يديه وتركها تنهار على الأرض .....
سطوب صاح المخرج مرة أخرى ...رائع جميل....عانق مساعدته ....تعالت التصفيقات .....أنارت المصابيح المكان.... لكنها ظلت ممددة بلا حراك.
 
المشهد الثاني :
ضرب المخرج كفا بكف بإنفعال زائد .....سكوت .....تراجع التقنيون نحو الخلف ...ساد الصمت....إقترب من الجثة
تأملها قليلا ، أشعل سجارة بيد مرتعشة وأخذ نفسا عميقا .....رماها  على الأرض وداسها بقدمه ....تقدم نحو النافذة وأزاح الستار ...تأمل الأفق البعيد  ....إرتقى حافتها .....قفز المخرج من مقعده ....سطوب ....لكن الارض كانت تقترب منه والأشياء تزداد وضوحا  .

anfasse.orgمواربة
في المتون استدراكات للعب على المعنى، و ثمة كاميرا تصور كل شيء، و ينحدر الأمر إلى ر كح المسرح لكن الأتربة و الجنون سيكونان أرضا لحج المعنى… ثمة رجل على حافة الجنون و ثمة رجال يرون المجنون و وراء النافذة، سيمسكون بالشمس قليلا لتدخل إلى الفراغات الفاصلة بين الكلمات و يقيسون المسافة…نحن فقط سنصفق عندما نعود وحيدين إلى بيوتنا لنخبر أحلامنا أن الشمس كانت معلقة على جبين مرآة سحرية….
هذيان
الدنيا حلوة ..أدركت الشمس تألقها،..مرت على جسدي، و مرت على الشارع، ثم انبسطت في عليائها..صباح الخير يا شمس المدينة …هل تحبين العيد…عيد سعيد يا شمس المدينة..لا تلتفتي إلى غيري..كلهم أغبياء..إنهم يصعدون السطوح لإمساكك، …يتصايحون فتعلو جلبتهم و يكون صوت مكرهم مثل لهب في طواحين الهواء..الشمس شمسي…إنهم خائنون يا صفراء يحبون القمر..يشدونه إلى أمتعتهم و أشعارهم بالحبال الغليظة…ويرتلون الخدود…وجه القمر صار بدرا..لكنهم يلهجون بالهلال..الم يخبرك احد أن الحِربة غرست في ظهرك..

anfasse.orgتعطلت كل الأفكار في رأسه حين دخل فضاء المقهى، وناوشه شعور بأنه عاد إلى الوراء عشرات السنين في سلم الحداثة.. فالمكان ليس فيه من المقهى إلا  الاسم الذي كتب بخط رديء على صفحة قصدير بالية.. هي أرض بلا سقف، انتظمت في شكل مصطبات مبلطة متدرجة تنتهي عند حافة سحيقة تطل على البحر.. أُثثت بطاولات وكراسي موغلة في البدائية.
      وقف في الممر الأول يمسح بعينيه الفضاء محاولا أن يرمق طاولة شاغرة، لكن كثافة الظلام حجبت عنه الرؤية فاضطر إلى الانحدار يستطلع المصطبة تلو الأخرى. وفي كل مرة كان ينفر مهرولا إما بسبب روائح الحشيش التي تباغت أنفه أو بسبب قبلا ت ماجنة تفرقع من فرط عبث الريق بالريق.
      أخيرا عثر على طاولة فارغة في الممر الأخير المطل على الحافة.. أغلب الظن أنها تبقى شاغرة لصعوبة الجلوس فيها، حيث تجثم عليها شجرة منسية يبدو أن أغصانها لم تشذب منذ مدة. اضطر إلى كسر بعض العيدان التي قد توخز الظهر، وجلس منتشيا بغنيمته. كان أكبر انتصاراته أنه أَوْلى ظهره للأضواء والمدينة التي توليه ظهرها باستمرار. وأطلق نظراته في المدى البعيد تخترق الظلام.. لم ير إلا مصابيح نائية لا تضيء إلا نفسها، وعلى مقربة منها رأى ضوءا يظهر ويغيب.. أدرك أنه منار يدور. واستبد به الضوء المشاكس الهارب من كل اتجاه، ورأى هالة الضوء تكبر وتقترب منه حتى أحاطته أضواء بكل الألوان، وألفى نفسه في قاعة فسيحة تعبق بأطياف الغواية والجمال. بدا أنيقا يختال وسط حضور كبير في سهر مشهود هو نجمه.. كان يغني وهم ينصتون ويتفاعلون. وطاوعته اللحظة فتفتقت جوارحه شعرا ونغما. لم يغن أغنية معروفة، إنما كان ينتج الكلمة بتلقائية ويلونها بوجدانه وإحساسه:

anfasse.orgإنني كالنهر الذي يجري في باطن الأرض
تحت الحجر الجيري للأيام
و منبعي
هو ليل الطفولة البعيدة

من قصيدة" الحلم "للشاعر المقدوني
بلاجيه كونسكي


أريد أن أرى المدينة ليس القمر المدينة
المدينة بكفيها المقرحتين
المدينة بعمالها الموسميين
المدينة التي تؤمن بالخبز وبالقبضة
                                 
من قصيدة" سوناتا" ضوء القمر للشاعر اليوناني يانيس ريتسوس
…………………
الاهداء الى منتظر الزيدي

الشمعة الأولى تشرف على النهاية , شخير الجدة يصلني منتظما بشكل يجعلني اعتقد أنها راحت في نوم عميق, سأتمكن اذن من إشعال الشمعة الثانية دون أن تشعر .
الجدة تغضب عندما استهلك شمعتين في يوم واحد !!
ستغضب وتوجه لي كلامها صارخة

anfasse.orgالحنين يكبر في نفوس الثلاثة، مرّت شهور ستة، ولم يستمعوا فيها لثغاء الخراف. ولا لهديل الحمام، كانت مدّة طويلة بالنسبة لهم.
 الربوة التي يفترشون حشاشها، منذ الصباح الباكر. تطل بشموخ على السهول المحاذية للوادي. ترتفع رؤوس سنابلها، تنظر في اشتهاء إلى رقصة الربيع، على الربوع المرصعة بأشجار الصنوبر والعرعار. وناي الرّعاة يشدو خلف التلال.
الثلاثة، يجلسون في احتماء صخرة، تنتصب حدا فاصلا لمعبر النهر. تكلّله زهور القرنفل، وشقائق النعمان، تتمايل راقصة على نسيم الصباح. وطائر المستوون يغرّد بصوته الجميل. الكوخ الوحيد القابع هناك، على مسافة قريبة من مكان جلوسهم. هو ما يتّخذونه مسكنا لهم. منذ أن حلّوا بهذه القرية النّائية والقابعة في جوف  جبال الريف. يندس بين أشجار باسقة، ويطل على خلجان مائية، تجري دون توقف.
كل الأكواخ الأخرى، توجد وراء التّلال. وحده كوخهم، أقيم هنا في هذا المكان. يضم تحت سقفه أجسادهم الثلاثة. ويحتمون فيه من لسع البرد، وقيض الحرّ.
شخشخة البنادق، تنطلق، تصل أسماعهم متقطّعة. فبدوا ينظرون في وجوه بعضهم البعض. وكانت أول طلقة دوت، تعلن عن بدء رحلة القنص. وبها سيكون اليوم، هو أول يوم يفتتح فيه موسم الصّيد. إن  هذا الصّباح سيكون مخصصا لاقتناص الخنزير البري. والذي سيفقد الكثير منه مرقده في هذه الغابة. بطلقة واحدة وبتصويب دقيق، سيصبح وليمة لعشاق أنواع هذه اللّحوم.

anfasse.org"ان أصعب مهنة هي أن تكون رجلا"
"ناظم حكمت"
إنها الثلوج...
إنه البرد ..إنه الليل ...
و إنه يسير...
عاكفا على وحدته يسير يستنزفه البياض ..يحاصره السواد...
كل شيء يغري بالموت...
لا حياة..
لا ما يشبه الحياة..
لا ما يبعث على الحياة..

anfasse.orgأخيرا قررت أن أتخلى عنها ولا أولي وجهي أبدا شطر مضانها. يكفي ما مضى. صراحة كنت مغفلا، واستطاعت أن تكبلني بغواياتها أكثر من اللازم. اقتحمت عالمي، ولم تفارقني أبدا وأنا لم أزل بعد طالبا مغلوبا على أمري، لا أملك إلا ما أسد به رمقي. مع ذلك كانت تتقاسم معي ميزانيتي الضئيلة، وتتنقل معي في حلي وترحالي. وكانت لا ترفض أن نتناوب عليها أنا وصديق لي. تصوروا.. يا لخستي مع ذلك بقيت لصيقا بها. آه.. كم كان يحلو لها أن ترمي بثقلها على صدري أو على صدورنا وتغرقنا بأريجها المميز. كلما داعبتها بأصابعي وأطبقت عليها بشفاهي تزداد حرائقها وتتقلص بين يدي. وبمجرد أن انتهي منها أطوح بها بعيدا وأنا نادم على ما قمت به فلا تأبه لذلك. أحيانا كنت اطرحها أرضا بقوة وأدعصها برجلي، لكنها تأبى إلا أن تلتصق بي،