ANFASSE.NETالحلم الأول :
 رأيتني في شارع طويل ...سيارات كثيرة راكنة على جانب الرصيف وأخرى تسير في الإتجاهين ...
رجال متجهمون ونساء عابسات ...واجهات المحلات والأبناك والمطاعم جميلة ...ألوان وأضواء
تظهر وتختفي ...لا أتذكر منها سوى جزار فلسطين وقريبا منه مقهى الوحدة العربية ومطعم الخليج
وفي الجهة الأخرى رأيت لافتة قديمة سقط جزء منها ...مسرح Aالشعب....لم أعرف الزمان ولا المكان
حاولت إستفسار رجل يحمل جريدة لكنه رفض الوقوف والكلام ...وقررت أن أسير حتى ينتهي
الشارع أو ينتهي الحلم....
 
الحلم الثاني :
رأيتني أجلس في مقهى جميل ونظيف ...أضع أمامي وعلى مائدة سوداء إبريق شاي صغير وكأسين
....أشخاص متشابهو الملامح يتابعون مباراة لكرة القدم ...الهتافات تتصاعد من حين لآخر ...
بائع للسجائر بالتقسيط وماسح للأحذية يتشاجران ...متسول يطوف بين الطاولات...ناذلة شابة تبتسم

ANFASSEأستيقظ فجأة على أصداء أصوات غريبة ، إنها الثالثة صباحا ، هناك أصداء لأرجل تمشي بحذر .. ينتابني خوف شديد ، إن آخر شيء كنت أتوقعه ، هو أن يقتحم اللصوص بيتي في هذه المدينة الهادئة ، يشل تفكيري وأعجز عن اتخاذ موقف معين .. تقترب الأصوات ، لا شك أنهم داخل البيت ، ولكن كيف تمكنوا من دخوله وكل الأبواب والنوافذ مغلقة ؟ لابد أن أدافع عن نفسي .. أقوم بخطوات خفيفة وأقف خلف الباب ، كنت أشعر بخوف شديد .. فجأة دخل فرد الغرفة بحذر كبير وهو يصوب آلة ما وعليها مصباح نحو فراشي ، استجمعت كل شجاعتي وارتميت عليه ، كان قوي البنية وكنت متشبثا بقوة برقبته وهو يصرخ .. وفجأة امتلأت الغرفة برفاقه وانهالوا علي ركلا وضربا ورفسا ، كانوا جميعا يحملون بنادق ، وكنت مذهولا ، مرعوبا .. كانت الدماء تنزف من فمي وأنفي ، سلط أحدهم ضوء مصباحه على وجهي :ـ إنه هو ـ خذوه

seul.jpgالسخرية من القدر وبشاعته تتجسد في كل لحظة نعيشها.حين تتجمد كل الأحاسيس وتتقهقر نحو هوة سحيقة والقادم من الزمن كفيل بالإجابة عن معنى الوجود دون رغبة فيه
سكير أسقطه القدح العاشر فكتب ما يلي :
لقد رأيتك ذات حلم،ولم يتبق في ذهني غير إحساس بالطمأنينة..وقد ظللت أياما أخمن أي كلام سأقوله لك لو أنك تعودين.فلم أجد إلا رسالة قصيرة :آسف لأني لم أعتذر أكثر،لأني لم أكشف عن مشاعري أكثر.لقد فرض علينا أن نخطئ أكثر مما قد يجعل العلاقة ناجحة.لم أكتشف قلقي إلا حين اقتنعت مكرها أني فقدتك للأبد.وكان الزمن حينها قاسيا
2
مرتاح قليلا،رغم عجزي عن التعايش مع هذا الواقع،وحينما يسألونني عنك أقول أنك بخير وعلى خير وأننا "فقط" لم نعد نلتقي

 aveugle.jpgوئيدا كان يمشي. تقوده خطوات الظلام والمجهول. يصارع ريحا تصد تقدم الجسد النحيل في جلباب أبيض يرفرف بعنف المنتفض. ترك العكاز في البيت، وتخلف عن موعده مرافقه الدليل، فاضطر إلى خوض الطريق بعينين فارغتين تغطيهما نظارة شديدة السواد. لم يدرك مأزقه إلا حينما توغل في دوامة الطريق والريح الغضبى؛ حيث إكمال المشوار صار أرحم من العودة. كانت الريح تزداد عنفا وبؤسا واختراقا لوجدانه المهزوز.. لذلك ركز كل اهتمامه على ألا يقع أرضا فيفقد بوصلة التركيز وزمام الاتجاه.. يخطو بحذر.. يمد قبضتيه إلى الأمام  كأنه يمسك بلجام الريح أو يلاكمها. عيناه لا تطرفان وفمه نصف مفتوح رغم صبيب الريح فيه، فيما رأسه المائلة مدفوعة إلى الأعلى كأنها تطمئن على وقع أقدامه.  
    غالبه القهر والتذمر، فشرع يلعن في قرارة نفسه الجرأة التي أوهمته بيسر الطريق وقدرته على الوصول من غير عيون أو دليل. وعرته الوحشة حين أحس بخلو الطريق.. وحدها الريح كانت تعربد في الفضاء، تحدث أنينا وخشخشة جراء احتكاكها بالأرض والأوراق والأشياء...
    تثاقلت خطواته لما سمع حشرجة سيارة تقترب منه. حاول تجنبها بحدسه لكنه خاف من التورط أكثر فتوقف مؤذنا باستسلامه للموقف تاركا المسؤولية للسائق ليختار طريقه. وحين مرت السيارة بجانبه تناها إلى سمعه من داخلها صوت "أم كلثوم" وهي تصرخ صرختها المشهودة؛ ( فات المعااااد). شق الصوت طريقه بعنف داخل نفسه المجروحة، وتفاقم لديه الإحساس بالوحشة والضعف. وشرع يمشي من جديد.. بتثاقل وإحباط.. مكتويا بالمواعيد الهاربة.

ANFASSEيترنح السكر في كل خلية من خلايا جسده الضخم الفارع، وحبيبات من العرق الفضي تتلألأ فوق جبينه وتغطي أنفه وتتراقص فوق شفتيه الغليظتين. وكان الرجل الستيني يسير ببطئ في زقاق ضيق يغرق في ظلمة تامة لا يبين فيها سوى بعض الأضواء الوانية المتوجهة على استحياءٍ كأنما تكابد خجلاً مما تقف عليه من أسرار الليل. كان يدمدم بكلمات لأغنية خليعة. هذا الليل السكران معشوقه ونديمه، وهذه السكرة كل ما ينال من لذة هي الغياب بعينه. يطيب له الغياب عن حقائق حياة لا تفترق عن البشاعة إلا باللفظ، وحتى اللفظان باتا في ذهنه مشحونين بذات الصور والمشاعر. فكلما قال "حياتي" تواردت في ذهنه كلمة "بشاعة"، وجاءت تتهادى في مخيِّلته كراقصة متصابية أناخَ القبحُ عليها بِكَلْكَلِهِ، تنبعث منها رائحة كريهة وتشع صورتها بوهج يبعث على الغثيان.
وعلى الرُّغم من انسياقه وراء سكرٍ مفرط متواصل، فقد نمت لدى الرجل العجوز، وعلى مَرِّ السنين، غريزة من اليقظة البالغة يفرزها خوف فطري تطور في ذاته على امتداد عمرٍ من التَسَكُّعِ في الشوارع والحواري، إضافة لما تعرض له من تشريد وترهيب في صباه وشبابه الأول. وكان في أيام الصبى كلما قفل راجعا من العمل إلى مخبئه الحقير عند المساء استنفر كل حواسه وأعصابه تَحسُّباً لأي هجوم مباغت قد يتعرض له على يد أحد زعران الأحياء وما أكثرهم. كانوا يتعرضون لعاثري الحظ في ظلمات الليالي سعياً وراء المال وأشياء أخرى ثمينة. وكان قد سمع منذ بداية وعيه الكثير من القصص المخيفة، حتى أنه عاش إحداها بنفسه، إذ انقضَّ عليه ذات مساء، وكان لا يزال شاباً يافعاً، شابان في أحد الشوارع الضيقة المظلمة.

anfasseنجمتي الزاهية في خريف الزمن,اكذوبتي الجميلة في زمن الخريف,انشودتي الباكية خلف جدارالعمر ,خطيئتي المصلبة فوق جسد المسيح , رغبتي العطشى في جوف المحل , احلامي التائهة على ارصفة السماء , اسئلتي الحائرة في دواليب الضباب , امانيي المبعثرة على اطراف الليل , نوارسي الحبلى بعشق الرحيل , دموعي المسافرة على اجنحة الضوء
وبعد ,,,,
اعبث بالقدر كما يعبث بي , الهو بالحزن كما يلهو بي , ابعث نبياً ..احمل رسالة الشك وادعو الى الوهم واقدس الخيال وأعد بجنة خلت من كل شيئ الا من الالم.
يبغضني الزمن واسخر منه , تلفظني الحياة واركلها من الخلف, يمقتني التاريخ وألعن نشأته , تختلس ايام عمري اللحظات واختلسها من ايام عمري , تتجاهلني الارض واغازل السماء , تسكنني الريح واسكن العراء , اقذف الليل بالنهار واغتصب النهار في الليل , اعاشر الحياة وادفع لها ولا اخشى عليها من تشوه الجنين كما شوهت جيناتي وكما زُرعت في رحم القهر واستقبلني العبث وعلمني اليأس نطق الحروف السوداء , الثم الجرح تتلاشى المعالم وبيبقى الانين.

rue111.jpgتعالوا نستمع إلى كلام لا يشبه الكلام.. كلام عن طفلة خانها المنطق واغتالتها أيدي الآثام..
تعالوا نحكي حكاية عن  صبية كانت مثل خيمة في صحراء قاحلة تحِنُّ إلى سفر جديد..أو عن وردة داستها أرجل المجون بقسوة..أو عن عصفورة أجلتها أيدي الخطيئة عن عشها الآمن فهي في مهب عواصف الآلام..
كانت هنا.. في هذا الشارع العريض المهترئ..تلك الخيمة..تلك الوردة.. تلك العصفورة..تغزل على هذا الرصيف المغبر أحلاما واسعة كعينيها.
كانت هنا.. تبحث عن كينونتها المفقودة في أطراف الشارع الرتيب.. وبين فراغات حاناته الباهتة.. وقصب أكواخه الكالحة .. وبين هشيم زجاج النبيذ الفاسد المتناثر على قارعته.. وتحت أبوابه العتيقة المقوسة.. وبمحاذاة صفائحه القصديرية وجدرانه الطينية المنقبة والملطخة بالأوساخ والكلام البذيء الفاضح.. وفي أركانه الملوثة بالقمامات العفنة.
كانت هنا قبل عشرين عاما.. في عمر الزهور. .طفلة مشردة تفتش عن نفسها..عن امرأة في أحمر شفتيها..تستعجل أنوثتها وحرارة صيفها.. وطيفُ الشوق إلى كواليس المستقبل يرفرف في عينيها كفراش جامح.. طليق..

amour.jpgاِعــترافٌ
أحـبَّها بصِدقٍ .. رأى فيها الأمّ والعشيقَـةَ .. عـرّاهـا كم مرّةً، ضمَّهـا بين أحضانِـهِ،  رشَفَ دمَهَـا، وقـبَّلَ أصابـعَ رِجلَيْها

فِتْـنَـــةٌ
دائـماً ترمُقُـهُ بعينيهـا السّاحرتين .. تعشَقُـهُ حـدَّ الجنونِ .. حبُّهـا صمتٌ .. هُدُوؤُها حربٌ .. ابتسامتُها طلقـةٌ ناريـةٌ ..

خَـيْبَــةٌ
صَفَـعَتْـهُ بيدٍ من حديدٍ .. لم تُقـدّر عِشقَهـا لـهُ ولاحُـبَّهُ لجنُونِهـا تجاهَـهُ .. رمَـتْهُ في دوّامةٍ من التفكـير وغابةٍ من التيـه ..
عـرّتْ أسرارَهُ وشَـرَّحَتْ وجِيـبَ قلبِـهِ بعد أن طَعَـنَتْـهُ بسيفٍ خَشِيبٍ.

مفضلات الشهر من القصص القصيرة