" كلنا خرجنا من معطف غوغول " من أشهر المقولات في تأريخ الأدب الروسي ، وتنسب غالبا الى فيودور دوستويفسكي ، وأحيانا الى ايفان تورغينيف او ديمتري غريغوروفيتش. من هو صاحب هذه المقولة ؟. لا أحد يعلم ذلك على وجه اليقين . ومهما بحثنا ونقبنا في مؤلفات هؤلاء الكتّاب الثلاثة ، ومقالاتهم ورسائلهم وذكريات معاصريهم عنهم ، فلن نجد فيها تلك المقولة بصيغتها المعروفة . كما أن أياً منهم لم ينطق بها أمام أحد من أصدقائه أو المقربين منه . اذن من أين جاءت ، ولماذا تنسب غالباً الى دوستويفسكي تحديداً ؟
كان الكاتب والدبلوماسي الفرنسي يوجين ميلكيور دي فوجو (1848-1910) سكرتيراً للسفارة الفرنسية في العاصمة الروسية بطرسبورغ بين عامي 1876 ،1882 ، وتزوج في عام 1878 الكساندرا انينكوفا شقيقة الجنرال الروسي ميخائيل انينكوف . درس فوجو اللغة الروسية ، والأدب الروسي ، وكان على معرفة وثيقة بالوسط الأدبي الروسي ، وتربطه علاقات صداقة بكبارالأدباء الروس (تورغينيف ، دوستويفسكي ، تولستوي ، غريغوريفيتش ، وغيرهم). وقد استقال فوجو من وظيفته الدبلوماسية عام 1882 ليتفرغ للكتابة في المجالات الفكرية والأدبية والتأريخية . وفي وقت لاحق انتخب عضواً في الأكاديمية الفرنسية ، وفي الجمعية الوطنية الفرنسية .

مقدمة/استهلال لابد منه
هو الشاعر بن يونس ماجن، المقيم في لندن منذ السبعينات، أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في مسقط رأسه ليكمل دراسته الجامعية بلندن، حاصل على شهادة الماجستر في الترجمة من جامعة وستمنستر -لندن، يكتب باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية .نشرت مواده في الصحف والمجلات الغربية، له عدة إصدارات باللغة العربية والفرنسية: من ضمنها :مجموعة الشعر التي بين أيدينا المعنونة ب" حتى يهدأ الغبار"الموزعة على 108 صفحة، وقد شاء الشاعر وبوعي منه أن يخلي الكتاب من المقدمة والإهداء والفهرس وحتى عناوين القصائد ، والاكتفاء فقط بترقيمها حيث حصر عددها في رقم 70، بالإضافة إلى إهدائه لبعض النصوص، الشيء الذي لم نألفه لدى غيره من الشعراء.

قراءة أية تجربة شعرية مغامرة من نوعٍ خاصّ موصولة باستراتيجيات منهجية متعدّدة التشكّلات، وبداءة لا بدّ من بسط المنطلق الذي يؤطّر هذه القراءة البسيطة، هذه التّقديمة ليست سوى تأويل تأملي للتدليل الشعري عند الأديب العربي الحميدي منطلقين من ديوانه الأبله، في محاولة منّا لتكثيف التدليل الرمزي الفني متابعين المعنى المتولّد غير الجاهز أو المعطى سلفا، والمتشكّل كنتيجة لتفاعل ثنائي بين المنتج والمستهلك في آن واحد، والوسيط هو المشترك الفني الأدبي الجمعي بيننا، أو الموسوعة كمصطلح مُستلهَم من السميائي إمبرتو إيكو.

المحنــة:
يتسع مفهوم المحنة ، ليشمل الابتلاء الذي يصيب الفرد أو الجماعة ،وهو امتحان يجتازه المرء في الحياة ، وقد تكون المحنة عذابا يقاسيه الإنسان في الحياة . والمحنة في غالب الأحيان تترك أثرها الاجتماعي والنفسي على الفرد والجماعة، كما أن الانسان وبفعل مقاومته قد ينجح في التغلب على المحنة لتتحول إلى ذكرى، وقد يخفق في النجاح للقضاء عليها فيتم التعايش مع معها.

الإبـــــداع
يعد الإبداع من المفاهيم الملتبسة لارتباطه بالإنسان ، فهذ الأخير دائم النشاط والتفكير ، يسعى دوما لتجاوز ذاته واختبار الواقع لينتج من خلال ما يتاح له من عناصر معنوية أو مادية، في كل الميادين الفنية والصناعية والفكرية، فالإنسان القديم عندما وعى ذاته انطلق مبدعا ومبتكرا، حاول أن يتغلب على الطبيعة ليطوّعها لصالحه، وقد أنتج مجموعة من الأدوات لتخدم أهدافه الحياتية ، كما يمكن أن نسجل بأن الابداع لم يكن لحظة يتميز بها زمان دون آخر، بل الابداع فعل وسم كل العصور وعند كل الأمم ، والابداع عموما يأتي بمعنى الاختراع و الابتكار والتشكيل كل المواد الموجودة في الطبيعة . زد على ذلك فهو تفكير دائم عبر العقل واللغة، فالإنسان كان ينظر للحياة في إطار التناغم والاندماج والنفعية. فهكذا ابدع فكان صانعا متميزا وأحس بالفرح فكان شاعرا ومغنيا وحاكى فكان رساما أو ممثلا وعندما حَلَم وفكّر كان فيلسوفا وهكذا...

عاش الكاتبان العظيمان ليف تولستوي وفيودور دوستويفسكي في عصر واحد، وينتميان الى جيل أدبي واحد تقريبا، فقد ولد تولستوي في عام 1828، وولد دوستويفسكي في عام 1821، وتزامن نشاطهما الادبي ما يقرب من ثلاثة عقود، وكان لديهما العديد من الأصدقاء المشتركين ( نيكراسوف،تورغينيف، اوستروفسكي، غونشاروف، ستراخوف ).وكان من المنطقي أن يلتقيا ذات يوم في حياتهما، ولكن هذا لم يحدث قط، ويبدو أن كلا منهما كان يتوق الى لقاء الآخر، وفي الوقت نفسه يتوجس خيفة من ان يتحول اللقاء المرتقب الى صدام.
.كان تولستوي يقيم معظم الوقت في ضيعته المسماة " ياسنايا بولينا " الواقعة جنوب موسكو، واحياناً في منزله الموسكوي. أما ودوستويفسكي فقد كان يقيم في بطرسبورغ، أو في خارج البلاد. ولكن تولستوي كان يتردد أحيانا على بطرسبورغ لبعض أشغاله. كما كان العديد من الأدباء الروس يزورون تولستوي في ضيعته أو في منزله الموسكوي. فكيف لم يخطر ببال أحد الأصدقاء المشتركين ان يجمع بين اشهر كاتبين معاصرين !. أو ان يبادر احدهما لزيارة الآخر للوقوف على آرائه في الأدب والفن والحياة. لكم كان ذلك - كما يبدو ظاهرياً - جميلاً وعظيما ً. كلا لم يتقابلا على الإطلاق، على الرغم من سنوح الفرصة لذلك أكثر من مرة.

تقديم
    يعتبر الكاتب المغربي حسن البقالي من الكتاب الذين مارسوا الكتابة السردية وأسس تقاليد في الكتابة تميزه عن المجايلين له من الكتاب، والذي يؤكد هذا التصور، الوقوف عند منجزه الإبداعي عامة والسردي خاصة [1] . وطبعا، هناك أعمال أخرى، ويستحق هذا المنجز السردي، الذي اختبر فيه الكاتب تقنيات الكتابة السردية على مستوى الرواية والقصة الطويلة ثم المتوسطة وأخيرا القصة القصيرة جدا، الدراسة والتحليل من أجل استجلاء رؤية الكاتب للواقع المغربي خاصة والعربي عامة ثم رصد رؤيته أيضا لقضايا الإبداع المغربي مثل وظيفة الأدب وتطور الاجناس الأدبية و الخصوصية المغربية في هذا الإبداع ودرجات التأثر والتأثير التي مارسها هذا الإنتاج الفني سواء في المتلقي العربي أم المغربي. ومثل هذه الدراسات والأعمال تشكل في حد ذاتها اعترافا معنويا بالأديب المغربي بغض النظر عن المجال الإبداعي الذي ينتج فيه وعبره الدلائل ويتناول القضايا ويرصد التحولات.
في هذا السياق، سأقف عند مجموعته القصصية: كالعزف على القيثارة[2].

واثقا، يعمل الأدب في بناء ذوق الأمة. فبقدر ما نتحدث عن الحضارة والبناء الحضاري، بقدر ما يستوجب تربية الشعور و الإحساس بالمسؤولية الفردية و الجماعية. فعندما نلاحظ ما وصلت إليه السينما و المسلسلات التلفزيونية في الشقيقة مصر المحروسة، فإننا ندرك حجم الدور الذي يلعبه الإبداع الروائي و القصصي و المسرحي في تربية المشاهد على الإمتاع الفني و الأخلاقي و القيمي أيضا. فمن هذا المنطلق، يعزى نجاح السينما المصرية بالخصوص، إلى نقل معظم الأعمال الروائية لكبار المبدعين إلى السينما. وكان لنجيب محفوظ، في ذلك، حصة الأسد ؛ انطلاقا من روايته " بداية ونهاية " إلى جانب " اللص والكلاب " مع سعيد مهران، وصولا إلى " ميرامار " و " خان الخليلي " و " قصر الشوق " ؛ لينضاف عشاق السينما إلى عشاق الرواية، فأصبح اسم نجيب محفوظ يحلق عاليا، كعـُقاب كاسر، في سماء مصر والعالم العربي.

ألغيت الرقابة على المطبوعات في روسيا منذ حوالي ثلاثين عاما. وكان المتوقع أن يشهد هذا الأدب ازدهارا حقيقيا في أجواء الحرية والليبرالية، ولكن حدث العكس تماماً. حيث قلّ عدد القراء بشكل حاد، وعانت المجلات الأدبية (السميكة) المرموقة من انخفاض شديد في مبيعاتها، ولم تعد الأعمال الأدبية تنشر بعشرات أو مئات آلاف النسخ، كما كان الأمر في الحقبة السوفيتية، بل بعدة آلاف من النسخ في أفضل الأحوال .فما الذي حدث ؟
يقول البعض ان السبب يعود الى شيوع الأنترنيت، ووسائل الترفيه الجديدة . وهذا صحيح الى حد كبير . ولكني أعتقد أن السبب الرئيسي يكمن في إلغاء دور النشر الحكومية الرصينة، وإنشاء دور النشر الخاصة التجارية في روسيا، والتي باتت تتحكم بكل ما يتعلق بطباعة الكتب ونشرها وتوزيعها وإشهارها. ولم تعد تنشر الا الكتب الرائجة تجاريا، وهي في معظمها كتب خفيفة لا تتسم بقيمة فكرية وفنية كبيرة، وتنتمي الى أدب الرعب والجريمة أو المغامرات، أو الروايات النسائية لتسلية ربات البيوت، او روايات الحب الرخيص ، التي تجد اقبالا من المراهقات . كتب تُقرأ مرة واحدة لقضاء الوقت ثم تُرمى غالبا في حاويات القمامة .

مفضلات الشهر من القصص القصيرة