نزع بعض الكتاب العرب إلى تحديث الرواية العربية وتجديدها بتكسير القواعد الفنية والتأسيس لصيغ مبتكرة تقوم على هدم بنية الحكاية وتفتيت معناها، وذلك من خلال تدمير المبنى التقليدي للمحكي وتحريره من قيود الكلاسيكية القديمة، حيث صار "العجائبي بؤرة الخيال الخلاق الذي يجمع مخترقا حدود المعقول والمنطقي والتاريخي والواقعي، ومخضعا كل ما في الوجود من الطبيعي إلى الماورائي لقوة واحدة فقط، هي قوة الخيال المبدع المبتكر"[1] الذي يحول الوجود بإحساس مطلق بالحرية فيشكل العالم كما يشاء ويصوغ ما يشاء غير خاضع لشهواته ومتطلبانه".
حين نعود إلى القواميس العربية لتحديد مفهوم الرواية، نجد أن اللفظة تدل على نقل الماء وأخذه، كما تدل على نقل الخبر واستظهار، فقد ورد في لسان العرب: روي من الماء بالكسر، ومن اللبن يروي ريا، والرواية أيضا البعير أو البغل أو الحمار، يسقى عليه الماء، والرجل المستقي أيضا رواية. ويقال" روى فلان فلانا شعرا، إذ رواه له متى حفظه للرواية عنه".[2] فالمدلولات المشتركة للرواية تفيد في مجموعها عملية الانتقال والجريان والارتواء المادي أو الروحي...