
" الشعر بالنسبة لي ذو مدلول جدلي مرتكز على علاقة الحياة و الموت، و الموت بالحياة، و بصورة أدق بالنسبة لي البديل الموضوعي عن الموت انتحارا، و لذلك تراني مستمرا، و استمراري مستمد من عذابي في الحياة و الآخرين" 1.
هكذا يقدم فايز خضور نفسه كشاعر الموت الذي تنبثق منه الحياة كما ينبثق طائر الفينيق من رماده، و طائر الفينيق رمز تناوله الشاعر كثيرا في دواوينه الأولى، و وظفه توظيفا لخدمة فكرة محورية عنده : الموت و الحياة، الخصب و الجدب.
و قد قاده هذا الانشغال بالموت و الحياة على العبثية؛ و الإيمان بأن كل شيء باطل؛ و هذا ما يعلنه في قصيدة بعنوان : " ملحق لسفر الجامعة " :
تكبرين ؟ فاهمس في أذن الريح
يا امرأة -
باطل، باطل كل شيء
و قبض الرياح، كقبض النساء........!!"
و عبث فايز خضور عبث وجودي منبثق من ثنائية الموت و الحياة، و هو عنده قصدي كذلك، إذ أن الشاعر يعني عبثه و يعيه و يمارسه على ضوء العقل.
و العبثية كانت نتيجة مرارات الشاعر و خيباته المتلاحقة في تحقيق طموحاته، و لقد عبرت هذه المرارة عن نفسها بقسوة و حرارة في ديوانه : " و يبدأ طقس المقابر ".
وفيما يتصل بالشعر وطبيعة علاقته بالجماهير، يوضح فايز خضور : " إن الجماهيرية كلمة ذات مفهوم مطاطي، و مدلولات كثيرة غائمة في معظم الأحيان و متباينة لدى معظم البلدان و الشعوب و العقائد و الأيديولوجيات فعندما قيل قديما :
" الشعر ديوان العرب " كان هذا بديلا تقريبا لما نسميه الآن وزارة الأعلام و ملحقاتها، و وزارة الثقافة و تفريعاتها، و الآن ألا ترى معي أنه من الظلم أن نحمل الشعر هذه التبعة و نرهقه بهذا العبء ؟ فالشعر برأيي لم يخسر جمهوره الفعلي الكيفي، و إن كان قد تقلص جمهوره الكمي هندما كان يشترك مع الخطابة في الإيصال، لأنك ترى الآن ما يسمى بجمهور المسرح و جمهور السينما ز الرياضة الخ... و هذه الجماهير كلها من تداخلها و تراكبها و بنسب متفاوتة تبقى لها استقلاليتها الذوقية من حيث إشباع ميولها اتجاه تلك الفنون، و في تضاعيف تلك الفنون و الميول لابد من حضور الصادق و المحتال " 2.