في الآونة الأخيرة نهاية القرن العشرين لوحظ اهتمام كبير بالتراث الثقافي، باعتباره ركيزة أساسية من ركائز التعامل مع فكر العولمة، خاصة في المجتمعات النامية ومنها المجتمعات العربية، كما أن لهذه المجتمعات رصيدًا، ومخزونًا تراثيًا كبيرا؛ منه المادي واللامادي، لذا يعتبر التراث من أسباب الحفاظ على الهوية الثقافية، ومعرفة الماضي ومقارنته بالحاضر والنظر إلى المستقبل، ومنذ نهاية الحروب العالمية الأولى والثانية،  التي بسببهما قد دمرت العديد من المآثر التاريخية، التي كانت شاهدًا على فترات سابقة من الحضارات الإنسانية, لهذا  قام المسؤولون الأوروبيون بإدراك أهمية الحفاظ على هذا التراث من الفناء والزوال، مما دفعهم إلى التخطيط لإعادة بناء، وترميم ما دمر من مباني تاريخية، وفق طابعها المعماري الخاص، كما يعتبر التراث أحد أهم عناصر الجذب بالنسبة للسياحة العالمية والمحلية. في عصر تعتبر فيه صناعة السياحة من أهم الصناعات العالمية التي أصبحت تهتم بها الدول، لما تحققه من انتعاش اقتصادي مباشر وغير مباشر.
يطلق التراث على مجموع نتاج الحضارات السابقة التي يتم توريثها من السلف إلى الخلف وهي نتاج تجارب الإنسان ورغباته وأحاسيسه سواء أكانت في ميادين العلم أو الفكر أو اللغة أو الأدب، بل يشمل جميع النواحي المادية، والوجدانية للمجتمع من كل القيم، والابتكارات، والوسائل التي يستخدمها في حياته، وكيفية تعامله مع الظواهر.

تطلب تهذيب بني إسرائيل، الذي لم يحصل، إرسال العديد من الأنبياء وقصص بني إسرائيل في القران الكريم والمساحة التعبيرية الكبيرة التي يفردها لهم ،هي بالنسبة للمسلم دين يلتزم ويقين يعتمد، لا بد من استمرار حضوره واليقين بخلوده الذي يعني تجاوزه إلى كل عصر.
ونحن الآن لا ندعي، بهذه المساحة البسيطة ،أننا سوف نحيط بالرؤية القرآنية الشاملة لبني إسرائيل، وإنما سنحاول توضيح بعض اللمسات المتعلقة بالماء في تاريخهم وأهميته في وجودهم إذ يحظى الماء في الديانة اليهودية بتقديس كبير، من منطلق أنه أصل الوجود وأساس الطهارة، وهذا يتضح بجلاء في قصة الخلق التوراتية التي تقول:
"في البدء خلق الله السموات والأرض، وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه (...)، وقال الله ليكن جَلَدٌ في وسط المياه وليكن فاصلا بين المياه والمياه" [1].
  1.      ميلاد موسى عليه السلام
اذا افترضنا أن النواة الأولى لنشأة دولة بني إسرائيل انطلقت مع نبي الله موسى عليه السلام ،وهذا ما يسير عليه اغلب الدارسين[2] لدولة بني إسرائيل، بعد خروجه من مصر ومع هذا الخروج يبدأ التاريخ الحقيقي لإسرائيل[3]، ولا يزال هذا الخروج في نظر اليهود زمنا فريدا في تاريخهم وحدثا ذا مستوى متميزٍ يختلف عن مستوى سائر الأحداث الأخرى. والحديث عن نبي الله موسى عليه السلام وظروف ولادته، لا بد من الحديث عن الماء، حتى أن كلمة موسى تتم ترجمتها بالمنشول من الماء، إذ يذكر الإنجيل أن اسم موسى مشتق من الكلمة العبرية "ماشاه"، أي "يُسحَب" بدلالة "سحبه من مياه النيل"،[4]، وعن هذا الحدث وملابساته يتحدث نص صريح في التوراة  بما نصه:

منذ بدء ما يسميه المؤرخون في العالم العربي بـ: "عصر النهضة الحديثة" والتراث يحتل مركز الجدل والنقاش الثقافي في ساحة الفكر العربي، ودون التطرق إلى طبيعة الأسباب التي كانت تقف وراء هذا الاهتمام المتزايد بمسألة التراث، فإن السؤال الذي يطرحه كل واحد منا على نفسه، هو: لماذا لم يتمكن المثقفون والمفكرون وجميع القوى الفاعلة في الوطن العربي من تحقيق إجماع حول مفهوم التراث خاصة وأن الأمر يتعلق بمصدر الهوية القومية ومنبع الانتماء الديني والحضاري؟
ذلك أن هذا النقاش قد اتخذ في غالبية الأحيان مسارات مختلفة إذا لم نقل متناقضة تعدت حدود معنى التراث إلى التشكيك في جدواه وفعاليته في إخراج المجتمع من الأزمة، بالإضافة إلى التساؤل الذي يستهدف جوهر الهوية التي يمثلها التراث وعلاقتها بالحداثة والعصر.
إن نظرة سريعة على ما كتبه المفكرون والمثقفون والسياسيون خلال هذه المرحلة الحاسمة من التاريخ العربي حول هذه الإشكالية تكشف عن عمق الأزمة الطاحنة التي تتخبط فيها المجتمعات العربية: أفرادا وجماعات، حكاما ومحكومين، مثقفين وأميين، فأبسط نقط الاتفاق معدومة وتمسك جميع الأطراف بالمواقف الحزبية والطروحات الإيديولوجية والمعتقدات الإثنية والنظريات والمناهج الفلسفية الغربية، بلغ حد الاستلاب القاتل، فكيف السبيل إلى الخروج من هذه الدرامة؟

السنة كأصل ثان في شريعة الإسلام تشمل أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته. فهل الأخذ بالسنة النبوية، الذي يجب على المسلم، يمكن أن يقتصر على فعل الواجب واجتناب المنهي عنه والتوسع في المأذون بحسب المفهوم الأصولي، أو ينبغي أن يشمل كل شيء، كما هو مفهوم أهل الحديث؟
هذا التساؤل وجه نظري لبعض التمايز العملي الموجود بين طوائف من المسلمين،  فإن من المسلمين من يعتبر كل ما نقل في السنة يجب العمل به، خاصة ما حكم عليه بأنه صحيح أو حسن، حسب قواعد الرواية. وأكثر المحدثين يميل إلى هذا المذهب. ومن المسلمين من يعتبر أن ما نقل في السنة متنوع وفيه بعض أولى من بعض.
وسؤال آخر: هل الحديث الصحيح يقطع به ويجب العمل به، أو أن هذا خاص بما إذا كان المرء غير مقتد بإمام مذهب، لأن عدول إمامه عن العمل به ناتج عن مراعاة مقتضيات اجتهادية أخرى؟
لعلماء الإسلام في ذلك أقوال متفاوتة.
ولقد كانت هناك دائما فجوة بين الفقهاء والمحدِّثين، فهؤلاء لا يحسنون أحيانا توظيف المادة المروية، وأولئك يعتمدون أحيانا مرويات واهية. ولكن المجتهدين من أصوليين وفقهاء، قد أكملوا في الحقيقة مهمة المحدثين في المحافظة على السنة. فلم يأخذوا بنصوص صححها أو حسنها محدثون، لأنه اعتبروها مخالفة لقاعدة شرعية محكمة أو اعتبروها فاقدة لصفة الخلود، فهي تحكي سنة ظرفية فعلها الرسول من جهة قيادته الزمنية لجماعة المسلمين. وبالمقابل قد يأخذ المجتهدون بنصوص فيها مقال من جهة الصنعة الحديثية، ولكنها من حيث ماهيتها ومغزاها تنسجم مع روح التشريع في الإسلام.

ملخص:
القرآن الكريم هو أعجب كتاب عرفته الإنسانية بين جميع الكتب السماوية و البشرية، فهو كتاب ثبت بنصه أربعة عشر قرنا أو يزيد لم يطرأ عليه تغيير، ولم يحذف منه حرف، ولم يضف إليه حرف، و بقي يُقرأ و يُدرس ويُكتب، و يُناقش في نصه الأصيل، و الإنجيل والتوراة تُرجم كل منهما الى اللغات الأخرى، بل الى كل اللغات، لا ليفهمهما الراغبون في الدرس العلمي البحت، بل ليتعبد بهما في ترجماتهما المسيحيون واليهود.
ونحن هنا - في هذه المداخلة - سنتحدث عن ترجمات القرآن الكريم بما في ذلك اللغة الأمازيغية، وسنستعرض نماذج مختارة من الترجمة السوسية  والترجمة القبائلية للقران الكريم باللغة الأمازيغية.
مقدمة:
إذا كانت اللغات هي أصل ثقافة الشعوب، و عند توحد اللغة على مساحة كبيرة من العالم و على سبيل المثال مجتمعنا الذي نعيش فيه، و بالتحديد الجزائر و على اتساع أراضيـها و ترامي أطرافها، إلا أن اللغـة الرئيسية التي تجمعـهم هي اللغـة العربية أو بالمعنى الأصح اللهجـة العاميـة. لذلك نجد أيضا تشابها بالغا أو تـوحُدا في الثقـافات و الفكر، و لكنه يبقى على مستوى الثوابت العامة و المحاور الرئيسية التي يتخذها الجميع سبيلا ليعيش من خلالها و خلال وحدتها الكل في تناغم و تلاق عند بعض الفكر، و ثوابتنا تبدأ من الدين و الاخلاق و عادات المجتمع التي تعد بمنزلة خطوط رئيسية لا يختلف عليها اثنان.

1 ـ مسألة الإبصار
"إن المتقدمين من أهل النظر قد أمعنوا البحث عن كيفية إحساس البصر، وأعملوا فيه أفكارهم، وبذلوا فيه اجتهادهم، وانتهوا منه إلى الحد الذي وصل النظر إليـه، ووقفوا منه على ما وقفهم البحث والتمييز عليه. ومع هذه الحال فآراؤهم في حقيقة الإبصار مختلفة، ومذاهبهم في هيئة الإحساس غير متفقة، فالحيرة متوجهة، واليقين متعذر، والمطلوب غير موثوق بالوصول إليه. وما أوسع العذر مع جميع ذلك في التباس الحق وأوضحَ الحجة في تعذر اليقين، فالحقائق غامضة، والغايات خفية، والشبهـات كثيرة، والأفهام كدرة، والمقاييس مختلفة، والمقدمات ملتقطة من الحواس، والحواس ـ التي هي العُدد ـ غير مأمونة الغلط. فطريق النظر مُعفَّى الأثر، والباحث المجتهد غير معصوم من الزلل، فلذلك تكثر الحيرة عند المباحث اللطيفة، وتتشتت الآراء، وتفترق الظنون، وتختلف النتائج، ويتعذر اليقين.
والبحث عن هذا المعنى مع غموضه وصعوبة الطريق إلى معرفة حقيقته مركب من العلوم الطبيعية والعلوم التعليمية. أما تعلقه بالعلم الطبيعي فلأن الإبصار أحد الحـواس، والحواس من الأمور الطبيعية. وأما تعلقه بالعلوم التعليمية (= الرياضيات) فلأن البصر يدرك الشكل والوضع والعظم والحركة والسكون، وله مع ذلك تخصص بالسُّمُـوت المستقيمة، والبحث عن هذه المعاني إنما يكون بالعلوم التعليمية. فبحق صار البحث عن هذا المعنى مركبا من العلوم الطبيعية والعلوم التعليمية.

المقدمة:
هل يكذب الإنسان لأنه الكائن الوحيد الذي بإمكانه أن يجمع ما بين تقديم الوعود والخلف بها؟ أم لأنه سواء اعتبر النطق في تعريفه المنطقي يرجع إلى الفكر أو إلى الكلام فهو في النتيجة حيوان كاذب[1]! منذ القديم اهتم الفلاسفة بسؤال الكذب، وقدموا مقاربات متعددة اهتمت بمعناه ومشروعيته، وعلاقته بالحق، والسياسة، والأخلاق.
تقرأ هذه الورقة موقف الغزالي من الكذب المباح، من خلال تحليل نصوص كتاب "إحياء علوم الدين"[2]. وتحاول أن تقارب الموضوع من خلال العناصر التالية: 1- بين الكذب والحق والصدق. 2- في تعريف الكذب وحكمه. 3- مبيحات الكذب. 4- الكذب في المدينة. فيما تنفرد الخاتمة بخلاصات نقدية.

بين الكذب والحق والصدق والكمال:
ينفتح الكذب على مجموعة من المعاني في اللغة العربية، يكاد يصعب الإحاطة بها، غير أنه يتجاور (يتقابل) في نصوص الغزالي مع "الصدق" و"الحق"، كما تلتحق به مفاهيم "القصدية" و"الضرر" و"الفردية والشأن العام".
ويمكن أن نتبين إشكالية "الكذب المباح" عنده من خلال مستويين: المستوى الأول في علاقة الكذب بالصدق والحق. والمستوى الثاني في علاقة الكذب بمفهوم الكمال.

... الحديث عن التسامح، هو حديث عن قيمة أخلاقية، وعن مبدأ فلسفي أساسا، يفرض القبول لدى الآخر لطريقة في التفكير مختلفة عن تلك التي نتبناها[1] واحترام أفكاره ومعتقداته، ولو بدت لنا خاطئة وذلك حتى يتمكن من العيش في انسجام معها[2]، وباعتبار تلك الآراء والمعتقدات يمكن أن تساهم في بناء الحقيقة الكلية[3] لكافة الناس.
والتسامح ليس قيمة نظرية فحسب، أو صفة مستقلة تطبع وجود شخص في ذاته بل هي سمة لعلاقة بين شخص وآخر وبين أشخاص وآخرين. ومن هنا تصطبغ هذه الصفة بلون مجال هذه العلاقة وبطبيعتها، فنتحدث مثلا عن تسامح سياسي أو ثقافي أو ديني.. والذي يهمنا هنا هو التسامح الفكري-الفلسفي. ومن هنا فإن العلاقة بالآخر لا تتخذ في هذا المجال دائما شكلها المباشر، مسايرة لطبيعة التواصل والحوار كما يسود في مجال الفكر والفلسفة، داخل الإطار الثقافي الواحد: بين مفكرين وفلاسفة واتجاهات.. وبين إطار ثقافي وآخر، أو بين عناصر منهما كما بين الثقافة الإسلامية والثقافة اليونانية مثلا، وبين معتقدات إسلامية والفلسفة اليونانية.
ومن هنا فإن التسامح، في صيغته اللفظية، وفي حقيقة أمره وطبيعة أهدافه، سلوك متبادل بين الأطراف المختلفة داخل الإطار المشترك لهذه العلاقة، رغم ما يمكن أن تفترضه هذه العلاقة من عدم التكافؤ في منطلقاتها ومواقع أصحابها.