صدر عن دار الساقي كتاب وقع في 319 صفحة، موسوم بـ: (من الدين إلى الطائفة، في ضرورة الدولة المدنية) لكاتبه خالد غزال.
الكتاب عبارة عن شريط عريض شامل للأحداث التي عرفتها الإنسانية منذ نشأة الأديان السماوية إلى وقتنا الراهن الذي يتميز بالثورات و الفتن التي يشهدها العالم العربي.
قسم خالد غزال كتابه إلى قسمين:
القسم الأول: أسباب تحول الأديان إلى طوائف.
يحاول الكاتب في هذا القسم التأكيد على أن الدولة الدينية لم تكن لها كينونة على مدى التاريخ البشري، و أنها لم تكن سوى أسطورة" وضعت لها المؤسسات الدينية بنيانا أيديولوجيا و نظريا بالتواطؤ مع السلطات السياسية القائمة".
و من كتاب الملل و النحل للشهرستاني استدل الكاتب على انقسام الأديان إلى طوائف متناحرة و رافضة للوحدة، و كل واحدة متألهة و مدعية للحق المطلق على الأخرى.
الحضور المسيحي في المغرب الكبير ـ عزالدّين عناية
1- يمنى القدّيس أوغسطين العائدة
يعود حضور المسيحية في المنطقة الممتدّة بين ليبيا والمغرب إلى عهود سحيقة، وقد حاز الفضاء قصب السبق من حيث الريادة التأسيسية، في ما يخصّ صياغة النص المقدّس التوراتي الإنجيلي، باللغة اللاتينية؛ وبالمثل في بلورة الخطّ الإصلاحي، أكان ذلك مع الموحِّد القدّيس أريوس اللّيبي (ت336م) المبعَد، أو في بلورة الخطّ المنعوت بالأرثوذكسي، مع القدّيس أوغسطين (354-430م) المحتَفى به. إذ تبقى المسيحية الغربية مدينةً في أصولها التكوينية للصياغات اللاهوتية، التي تطوّرت في قرطاج وثاغست (سوق أهراس) وهيبون (عنّابة)، خصوصا مع مدرسة القدّيس أوغسطين. غير أن أسْلَمة المنطقة شكّل تحوّلا انقلابيا باتجاه ديانة توحيدية مستجدّة لم تضاهيه غيرها من التحوّلات، سواء في بلاد النيل المجاورة أو في منطقة مهد المسيح وما جاورها، من حيث اكتساح الدين الوافد -الإسلام- لسابقيه نسخًا وإلغاءً.
ولئن اندثرت المسيحية الأهلية من بعض أقطار المنطقة مبكّرا، منذ مطلع القرن التاسع الميلادي، كما الشأن في المغرب، فإنها عمّرت حتى عصور متأخّرة بين الأهالي في تونس، حيث تواصل أداء النصارى الجزية بالجنوب التونسي، إلى حدود القرن الرابع عشر الميلادي. تعرّض لذلك الفقيه أحمد بن محمد المعروف بالبرزلي (المتوفى سنة 1438م)، في كتابه: "جامع مسائل الأحكام مما نزل من القضايا بالمفتين والحكّام".
النخبة التونسية من خلال التعليم ـ أحمد سوالم
أصبحت تونس ملهمة الشعوب العربية ،بعدما أسقطت إحدى أعثى الديكتاتوريات التي تربعت على السلطة ردحا من الزمن من خلال ثورة الياسمين ،التي أعلنت ميلاد الربيع العربي، الذي تحول خريفا في مصر واليمن وليبيا وسوريا و جعل الشعوب تلعن هاته الثورات لما خلفته من دمار في البنى و الأقوات ،ما عدا التجربة التونسية التي نجحت في إرساء تجربة فريدة في العمل السياسي ، باجتيازه للمرحلة الانتقالية رغم الأشواك (إغتيال شكري بلعيد و البرهمي و العمليات الإرهابية التي استهدفت الجيش في جبل الشعانبي) بنجاح، من خلال إنتخابات برلمانية شفافة و نزيهة ،ثوجت بتصدر حزب نداء تونس المشهد السياسي التونسي. لتجرى الإنتخابات الرئاسية بين المنصف المرزوقي والقايد باجي السبسي والتي انتهت بجعل الثاني رئيسا لكل التونسيين، لتكمل اخر جولات الانتقال نحو الديمقراطية .الا أنه وجبت الإشارة أن هذا ما كان ليتحقق، لولا وجود نخبة سياسية محنكة بإسلامييها و علمانييها ،حكمت منطق العقل على التهور، و مصلحة الوطن عوض الإنجراف نحو الشخصانية الضيقة رغم ما تعانيه تونس من تنامي الأعمال الإرهابية الهادفة لإفشال المسلسل الديمقراطي( هجوم متحف باردو الإرهابي و الأخير الذي ضرب مدينة سوسة والذي ضرب السياحة التونسية في الصميم كمثال) ،نخبة أمنت أنه يمكن لدولة عربية أن تحقق الانتقال الديقراطي من خلال ثورة سلمية . مما يجعلنا نحاول معرفة الجذور الثقافية و العلمية لهاته النخبة معتمديين على التعليم كمدخل .
تأملات في الحياة الثقافية والأدبية خلال فترة الحماية الإسبانية على الشمال المغربي (1912-1956) ـ محمد بلال أشمل
(1)
بعناية ماستر الأدب العربي في العصر العلوي في كلية الآداب بتطاون، وإشراف منسقه الدكتور عبد اللطيف شهبون، وتقديم الدكتور هاشم أحمد الريسوني، ألقى الدكتور أحمد بلشهاب صبيحة يوم 12 نوفمبر 2014 درسا افتتاحيا بعنوان "حديث عن الثقافة وأدب النهضة في المغرب"، تناول فيه فيما تناول، طائفة من القضايا ذات أهمية بالغة في فهم حقائق الحياة الثقافية والأدبية في فترة الحماية الإسبانية على الشمال المغربي (1912-1956) وامتداداتها اللاحقة على عموم الفكر والثقافة المغربيين. هذه تأملات في بعضها نحب تطارحها للنظر والدرس والعبرة.
(2)
أولى تلك القضايا، يتصل بالمتن الأدبي الذي أثمرته فترة الحماية الإسبانية والفترة السابقة عليها التي تلت حرب تطاون (1859-1860) بين المغرب وإسبانيا. إن الواقف على الإنتاج الشعري المنشور مثلا في الصحف والمجلات الإسبانية في عاصمة منطقة الحماية، سيجد أن هناك نصوصا موقعة بأسماء مستعارة، نرجح أنها لمغاربة يحسنون التعبير بلغة سرفانطيس، ولكنا لا نعلم من أمرهم شيئا، سوى أن نصوصهم صارت بحكم الواقع، جزءا من الحياة الأدبية في الشمال المغربي.
الجذور المغاربية لموسيقى الجاز والبلوز! ـ محمد المهذبي
من المعروف أنّ موسيقى البلوز والجاز وما تولّد عنهما من أنماط موسيقية، نشأت لدى الأفارقة الأمريكيين كما يسمونهم في الولايات المتحدة، في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وقد تمت دراسة التأثيرات الإفريقية السوداء بشكل مستفيض باعتبارها أصلا تاريخيا لتلك الموسيقى. غير أنّ ما لم يدرس بصورة كافية إلى حدّ الآن هو تأثير الثقافة العربية الإسلامية، رغم أنّ الجميع يعرف أنّ جانبا لا بأس به من السود الذين نقلوا إلى العالم الجديد ينتمون إلى مناطق غرب إفريقيا التي استوعبت تأثير الثقافة العربية الإسلامية منذ قرون.
ولكنّ الباحث الموسيقي النمساوي غيرهارد كوبيك قام بسدّ هذه الثغرة عبر دراسة خصائص موسيقى البلوز، حيث يميّز بين نوعين أحدهما يعود إلى منطقة السافانا الإفريقية، في حين أنّ الثاني "دخل المنطقة (غرب إفريقيا) بعد القرن السابع الميلادي بفترة وجيزة عبر طرق التجارة الصحراوية التي أنشأها المسلمون من شمال إفريقيا باتجاه الدول الناشئة غرب القارة على طول نهر النيجر: مالي ثم السونغاي ثم دول الهاوسا، وقد كانت جلّها دولا إسلامية. لقد أطلقت على الأسلوب الأول اسم "الزنجي القديم" وعلى الثاني اسم "العربي الإسلامي" ".* أمّا الباحث صامويل شارترز فقد كان أكثر قطعا حيث يجزم بأنّ الموسيقى الأفرو أمريكية في مجملها تعود جذورها إلى المنطقة الموجودة بين نهر السينغال وجنوب غينيا**، وهي كما نعلم منطقة خضعت لتأثيرات عربية إسلامية عموما ومغاربية على وجه التخصيص.
ثقافة المرض والتطبيب لدى المغاربة من خلال كتاب : الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب 1912- 1945 ـ بوشتى عرية
ترتبط نظرة المغاربة إلى المرض من خلال أشكال حضوره في واقعهم المعيش، ومن خلال أشكال الممارسات الاجتماعية والثقافية المبنية على مخلفات الموروث التاريخي المكتوب والشفهي، ولا تزال بعض هذه الممارسات ظاهرة للعيان، ومخيمة على عقول كثير ممن تعودوا سلوك أيسر السبل لتشخيص الأمراض وتحضير وصفات العلاج. وسنتناول هذا الموضوع من زاويتين أساسيتين؛ تهم الأولى ثقافة المرض وأنواعه في ذهنية المغاربة، وتكشف الثانية عن كيفية تعاملهم مع المرض وأساليب مواجهته.
ويعتبر كتاب الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب 1912- 1945 لمؤلفه الدكتور بوجمعة رويان واحدا من المؤلفات الجديدة والقليلة الذي اهتم فيه صاحبه بالدراسة والتحليل بموضوع الصحة لدى المغاربة وعلاقتها بالطب الكولونيالي والمشروع الاستعماري الفرنسي بالمغرب. ولم يفت المؤلف أن يخصص الباب الأول من أطروحته- التي نال بها دكتوراه الدولة في التاريخ المعاصر بكلية الآداب بالرباط صيف 2004- للحديث عن حفظ الصحة لدى المغاربة، من خلال رصد أنتروبولوجي لمختلف أشكال طقوس الحياة الاجتماعية وأنواع الممارسات اليومية في التغذية والشرب والسكن والحمامات، وما ينتج عن ذلك من ظهور الأمراض وتفشي الأوبئة، وأيضا وسائل التداوي وطرق العلاج المعتمدة في غالبيتها على الطب التقليدي والموروث الشعبي.
النخبة المغربية و التعليم الاستعماري ـ أحمد سوالم
قسم التعليم الاستعماري النخبة المغربية إلى نمطين فكريين متنافرين إلى حد بعيد: الأول، تقليدي. والثاني، عصري. وكل نمط مثلته نخبته.و هكذا نجد النخبة التقليدية التي أنتجها التعليم الأصيل، الذي مثلته كل من جامعة القرويين بفاس وكلية ابن يوسف بمراكش، وكذلك مدارس التعليم الحر. وهاته النخبة لها تكوين عربي-إسلامي، مشدودة إلى الماضي. ولكنها لم تكن على قطيعة مع الغرب. فهي أكثر تمسكا بالمقومات الدينية واللغوية والحضارية للبلاد، وأقل اندفاعا نحو الغرب. وهي مكونة من علماء وتلامذة القرويين هاته الجامعة، التي أمدت الحركة الوطنية المغربية برجالتها، الذين قاوموا الاستعمار. مما جعل محمد الفلاح العلوي يقول: ( ...ومع حلول سنة 1900 سيبرز دور جديد للعلماء كمدافعين عن البلاد ) . من خلال الفكر السلفي الوطني، من راوده نجد أبا شعيب الدكالي ( 1878- 1937) ومحمد بلعربي العلوي. هذان الشخصان، كانا يعطيان الدروس بجامع القرويين. فتتلمذ على يدهم العديد من رواد الحركة الوطنية، كعلال الفاسي.
تجلّيات مقام الشكر في الأديان الإبراهيمية ـ د. عزالدّين عناية
"أستيقظ في منتصف الليل لأحمدك من أجل أحكامك العادلة"
المزمور119: 62
عدَّ كثير من الربّانيين والعبّاد مقام الشكر من المقامات العليّة المعبرة عن سموّ المرء الروحي، باعتبار إتيان الشكر، الصامت أو الناطق، القلبي أو اللساني، يختزل إقرارا وعرفانا من الكائن الفاني إلى الكائن الأزلي، بسابق نعمه عليه وعظيم عطائه إليه. فذلك العرفان يختزل إحساسا شفافا بالحمد والثناء تجاه تلك القوة العليا التي يكنّ لها الامتنان والتقدير. فالشكر الذي عادة ما يتجلى في عبارات لفظية متقاربة الدلالة بين اللغات، يختزل دلالة اعتراف فعلية لما قُدِّم لنا سلفا، سواء علمناه أم لم نعلمه، تصديقا لقوله تعالى الوارد في محكم تنزيله: "وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة" (سورة لقمان: 20). فمن هذا البهاء والروعة الطافحين على روح الفرد، يفيض ذلك الشكر في الذات المؤمنة، بما هو إحساس عميق وطوعي بمبادلة العطاء بالاعتراف، بمبادلة المنة بالحمد، بمبادلة النعمة بالشكر، تصديقا لقوله تعالى: "والله أخرجكم من بطون أمّهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة لعلّكمْ تشكرون" (سورة النحل: 78).