اليوم يتأكّد لي أكثر من أيّ يوم مضى مدى الحضور الحيّ والقويّ والفاعل لمهدي عامل. “لأنّ الذين أحبّوا مهدي ويحبّونه يعرفون جيّدا أن حسن/ حمدان مازال يشعّ وجودا فعليّا. فالنّسيان والفراق والموت لا يمكن أن يهدّد وجود من وضع وجوده كلّه في مشروع حياة، من خاض كلّ نضال من أجل الحياة نفسها. إنّ حلم مهدي هو بناء عالم من أجل الإنسان في كلّ أرض الإنسان”1.
هكذا هم الشّهداء الحقيقيّون، شهداء حرّيّة الفكر والكرامة والقيمة الإنسانيّة، يتحدّون القتلة الطّغاة و يسخرون من حدود ومحدوديّة الاغتيال، فيصرّون على الحضور الكامل إلى جانب شعوبهم، خاصّة في مثل هذه الأوضاع التي تعيشها شعوب جنوب شرق المتوسّط، حيث يتحايل مثلّث الخراب والدّمار والفاشيّة، المتمثّل في الإسلام الطّائفي السّياسي والرّجعيّة القروسطيّة الخليجيّة والقوى العظمى الغربيّة والشّرقيّة على تحريف الثّورات وتيئيس الشّعوب من الضّرورة السّياسيّة الكامنة في صيرورة تطوّر الحركة التّاريخيّة لمجتمعاتهم نحو الآفاق الرّحبة للتّغيير المستقبلي.
في أسباب كساد الماركة السياسية للمعارضة السورية ـ مناف الحمد
مصادر عديدة تدخل في تشكيل الماركة السياسية منها العامل البلاغي الذي يصاغ عبره المنتج السياسي سواء كان مؤسسة أو مرشحاً او برنامجاً ، وهو يندرج تحت ما يسمى بالحدث المتحكم به.
وفي تفكيك أثر هذا العامل لا بد من الإشارة إلى أن البلاغة بالتعريف هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال وأنها لكي تؤتي أكلها في التشكيل الناجح للماركة السياسية تمرّ بثلاث مراحل في مساهمتها في سيرورة صناعة المعنى التي تساهم بدورها ، و باعتبارها ممارسة اجتماعية تتوسط - بحسب نظرية التشييدية الاجتماعية - بين الخطاب وبين الكيانات الاجتماعية في التأثير على هذه الكيانات التي هي الجمهور المستهدف باستعارة مصطلحات التسويق السياسي الأول هو التأطير والثاني هو التحقيق والثالث هو الترسيخ .
أما التأطير فيقصد به الصياغة للمنتج ، وأما التحقيق فيعني تجسيد المنتج تجسيداً عملياً ، وأما الترسيخ فهو قدرة العامل البلاغي عبر انتشاره على تحويل المنتج إلى مكون متناسج مع البنية الذهنية والنفسية للمستهدف بهذا المنتج .
العزوف السياسي... إلى أين؟ ـ المختار شعالي
يعتبر العزوف السياسي أحد الاختلالات العميقة التي تعيق تطور وتقوية النظام السياسي سواء علي مستوي الانتماء للأحزاب السياسية أو الاهتمام بالشأن السياسي أو المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية. باعتبار أن المشاركة السياسية - نقيض العزوف السياسي- تشكل إحدى الركائز التي تنبني عليها الديمقراطية القوية التي تستند إلى إرادة الشعب، كونها تعبيرا عن التجاوب والتفاعل مع العرض السياسي. وعلى هذا الأساس فإنها تمنح النظام السياسي القائم القوة والمصداقية وبالتالي الاستقرار.
من يستفيد من الديمقراطية ؟ ـ المختار شعالي
أضحت الديمقراطية قناعة سائدة في عالمنا المعاصر، كونها ثورة في الفكر وفي القيم ونقلة نوعية في الممارسة السياسية الذي تستند إلى إرادة الشعب. هذا ما جعل منها في صيغتها المعاصرة واحدة من أبرز إفرازات القرن العشرين. وقد انجذب المغرب إلى هذا النموذج الساحر وانخرط منذ الاستقلال في هذا الاختيار. غير أنه منذ الستينات برز في الساحة السياسية المغربية موقفان متعارضان اتجاه الديمقراطية: يتمثل الأول في موقف القوى التقدمية حينئذ التي رأت في الديمقراطية أداة لمنح الشعب فرصة المشاركة في الحياة السياسية. في حين رأى الموقف الآخر الذي يمثله المخزن أن الشعب ما زال غير مؤهل للديمقراطية. لذلك سعى هذا النظام إلى خلق ديمقراطية صورية في الواجهة وترسيخ على الأرض حكم مطلق مركزي.
الوعي بحقوق الإنسان .. تعريفه وأهميته ـ فرغلى هارون
يعتبر الوعى بحقوق الإنسان Human Rights Consciousness، والوعى الحقوقى بشكل عام، من الموضوعات التى ارتبطت، جذرياً، بصعود تيارات العولمة فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى، وزيادة الضغوط الدولية على مختلف بلدان العالم من أجل العمل على احترام وكفالة حقوق الإنسان. حيث ترى المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، أن زيادة الوعى الحقوقى لدى الناس، يمثل الخطوة الأولى نحو حصولهم على حقوقهم، لذلك أولت الكثير من الاهتمام لمسائل نشر ثقافة حقوق الإنسان، والتركيز على تعليم حقوق الإنسان، وتدريب الناشطين حول العالم على كيفية توعية الناس وزيادة وعيهم بحقوقهم الإنسانية.
في معنى الانتماء إلى اليسار(*) ـ عبدالعالي نجاح
يرى جيل دولوز أن عدم انخراطه في الحزب الشيوعي، إبان تحرير فرنسا من الحكم النازي، جاء نتيجة اشتغاله الكبير بالقضايا الفكرية وكذا عدم اهتمامه بالاجتماعات واللقاءات الحزبية؛ اجتماعات ولقاءات حيث "يسود الكلام إلى ما لانهاية". ويتمثل الانتماء إلى الحزب الشيوعي آنذاك في عقد لقاءات الخلايا السياسية باستمرار، حيث كرس جيل من المناضلين معظم أوقاتهم لتعبئة المواطنين قصد التوقيع على "نداء ستوكهولم"(1)، في حين كان من الأفيد للكثير من المؤرخين الشيوعيين البارزين تكريس مجهوداتهم الفكرية قصد إنجاز أطروحات علمية يستفيد منها لا محالة الحزب الشيوعي، بالإضافة إلى بيع جريدة "الإنسانية"(2) لسان الحزب الشيوعي الفرنسي.
من أجل الوضوح السياسي ـ المختار شعالي
في البداية لابد من توضيح يتعلق بما المقصود بالسياسة؟ ليس الهدف من طرح هذا السؤال هو البحث عن إجابات أكاديمية حول مفهوم السياسة، بقدر ما هو وضع تعريف مبسط يشكل توطئة لموضوع هذا المقال الذي يتمحور حول مسألة الوضوح السياسي في المشهد السياسي المغربي. يتشكل المجتمع المغربي، مثله مثل جميع المجتمعات، من طبقات وفئات وتكتلات اجتماعية لها مصالح متضاربة ومتعارضة ومتباينة. هذا الوضع يقتضي آلية لتنظيم التفكير والفعل من أجل تدبير الاختلاف الحاصل بين هذه الفئات الاجتماعية بهدف تحقيق استقرار المجتمع واستمراره. وتعتبر السياسة هي هذه الآلية التي تسمح بتدبير سلمي لهذا التعارض في الاتجاهات وصراع المصالح. تعني السياسة إذن فن العيش المشترك والحياة المشتركة ضمن نفس الدولة، حيث إن الاقتناع بالعمل السياسي يفضي بالضرورة إلى النزوع إلى تسوية صراع المصالح وفض النزاعات بأساليب تفاوضية عوض اللجوء إلى العنف والتناحر.
صورة التعايش الاناسي من خلال الخطاب القرآني و الخطاب الوضعي ـ د. محمد الصفاح
الإنسان مخلوق مركب، معقد التركيب، يدخل في تركيبه نوازع الخير و الشر. فإذا ما غلبت عليه نوازع الخير كان خيرا، و إذا ما غلبت عليه نوازع الشر كان شريرا. و بناء على هذه الثنائية التي تأرجح الإنسان بين جاذبيتها، يلاحظ أن الحياة البشرية منذ الأزل و إلى اليوم تقوم على أنشطة، لماما ما تكون خيرة، وكثيرا ما تكون شريرة. و استقراء للذاكرة التاريخية يمكن القول، إن الحياة في عمومها بنيت على الصراع والمناكفة ، فكانت أقرب إلى الحرب و الاحتراب، منها إلى السلم. إذ كان الآدمي رجل حرب يحمل السيف على عاتقه ضاربا في ربوع الأرض من أجل إراقة الدماء، و ذلك استجابة لنوازع الشر. فأصبح بذلك الصراع و الصدام و الحرب، اللغة التي ينتجها الفكر و يفقهها، و أيقونة التواصل و التخاطب بين الأفراد و الجماعات. فتقوت بذلك إرادة الصراع، و تطورت أساليب القتل، لتنفيذ إرادة الموت، القائمة على شريعة القوة، و دستور الاعتداء.