anfasse110261ــ من هو المثقف ؟؟؟
"المثقف" هو مَن  تراكمَ لديه كمّ هائل من المعرفة  بإدراك واع فتَتم ترجمتُها من صور تجريدية وأفكار ذهنية إلى لبنات ملموسة على أرض الواقع ، متسلحا بالعزيمة :ونعني بها  القوة الإرادية على إخراج أفكاره إلى الوجود تطبيقيا ؛ والفعل أي تحويل كل المدركات بما فيها  القيم وكل مكونات الثقافة  التي هي في صالح الإنسان ، وتقدم له خدمات جليلة  تعود عليه بالنفع والخير إلى حيز الوجود كما ذكرت ...والمثقف  طيلة عمره مشحون بنزعة الشك والاستمرارية ، مهووس بالجديد والتجديد، لايقنع  أبدا بما أنتجه ،أو بما  هو بين يديه ..المثقف أولا وأخيرا هو  دينامو الحركة والتغيير عن طريق البحث والتنقيب من أجل الوصول إلى الممكن على أنقاض ما كان...
2ــ المثقف والتغيير
المثقف ليس منفصلا عن الواقع ، ولا على ترسبات الماضي ، فهو متشبع بالتقاليد والأعراف ، والأفكار التقليدية ، لكن بحكم معاينته للواقع والوعي بأوضاعه ، وطبقا لمقارنته مع الركب الحضاري ، وما يراه بعين العدل والحق ، وطموحه القوي  في أن يعيش الإنسان كريما متمتعا بكافة الحقوق الإنسانية ، والبحث عن الجديد خوّل له أن تتضح الرؤية للواقع وللفعل الاجتماعي. كمثقف فاعل بالإبداع والخلق ، وذلك عن طريق التجديد بأفكار نيرة تسير بالإنسان والمجتمع إلى الرقي ، وهذه الرؤيا التي يتحلى بها المثقف ، لم تأت من فراغ ، ولانبوءة أوحى له بها ملاك ، وإنما هي نتاج حمولة فكرية ترسبت في الذاكرة من خلال ما لملمه من الماضي  سالفا ، وتفاعله مع الحياة والواقع حاليا ، حيث أدى هذا التراكم الثقافي إلى نهج طريق نقدي متجدد يقتات من السيرورة التاريخية  ، ليقفز على  بعض الموروثات  والرؤى التقليدية التي تناشدها العقليات القديمة ، مدعمة بثوابت مطلقة وأصول ثابتة توسع المساحة بينها وبين رؤية عقلانية نقدية لواقع الحياة ، وإبداع المثقف المناشد للتغيير لن يكون بأي حال من الأحوال  أسير القرائن الجامدة التي تشكل حلقة   جامدة    في  جسد العقل النقدي ، فتعطل قدرته  على  الخلق والسير إلى الأمام لمصافحة ركب الحضارة والتطور  ..

anfasse11022يعد ماكيافيللي من أبرز الفلاسفة والمنظرين الواقعيين للدولة الحديثة، هذا الأخير استفاد من المنهج التاريخي في عملية استقراء تاريخ الأمم وتجاربهم في الحكم، لمعرفة أسباب سقوط دولهم وانتهاء حكمهم وزوال حضارتهم، محكوما بهاجس السؤال التالي: لماذا تعمر دولة ما طويلا وتسقط وتزول الأخرى سريعا؟ الجواب على هذا السؤال هو ما دفع ماكيافيللي إلى التأليف في السياسة، ورصدها وتتبع خيطها الناظم منذ القديم إلى عهده. ومن أهم ما ألفه في السياسة نجد كتاب "مطارحات" و"فن الحرب" و"تاريخ فلورنسا" و الكتاب الأكثر شهرة هو  "الأمير". وهو كتاب يوجه مجموعة من النصائح للسلطان في كيفية تدبير شؤون إمارته والحفاظ على سلطانه وبقاء دولته، وهو في ذلك يشبه كتاب "الآداب السلطانية" للماوردي الذي يقوم بتقديم النصح للسلطان في كيفية الإحكام برقبة الأمة وآليات قهرها وإخضاعها واستدراجها للانقياد وراءه. والهدف من كتاب "الأمير" هو البحث عن القوانين المتحكمة في السلوك السياسي والتي تقود إلى النجاح في العمل السياسي وتدبير الحكم، بعيدا عن دائرة الأخلاق والفضيلة، واضعا بذلك أسس علم السياسة الحديث، أو فن إدارة الدولة، جاعلا من السياسة حرفة وليس مجرد تنظير أخلاقي وفلسفي كما كان سائدا من قبل.

anfasse29017" المثقف المغربي فقد كل شيء ماعدا جيبه "
إن من اكبر المواضيع التي تعرف هجوما وفي غالب الاحيان بسخرية من طرف المنظرين المشوهين للنيوليبرالية في البلدان المتخلفة، هوالدفاع عن دور الدولة المحوري في  التدخل الاقتصادي والاجتماعي في البنيات الاجتماعية لهذه البلدان . منطق التماثل و الاستيراد الكسول للمفاهيم والتنظيرات الرائجة عالميا و اعلاميا يكسب في غالب الاحيان ثقة عمياء بالنفس تحول الافكار والمعتقدات الى بداهات مقدسة . يعلمنا التاريخ الانساني ان نحذر البداهة لأن فيها نوعا من الاستبداد ، فتاريخ الإنسانية هو تاريخ لهدم بديهياته ،"تاريخ العلم هو تاريخ اخطائه" ( غاستون  باشلار ) . وتوقيف التاريخ  لمصلحة المنتصر إجتماعيا  وسياسيا و ثقافيا يكذبه التاريخ نفسه .إن الخطاب  النيوليبرالي المشوه السائد  في المجتمعات المتخلفة و من ضمنها المغرب ، ينظر من اجل تدخل حد ادنى للدولة في المجال الاقتصادي و الاجتماعي ويسلع كل شيء و يخضعه لعلاقات السوق و منطق الربح والخسارة بمفهومه الاقتصادي الضيق، وفي نفس الوقت و في تناقض صارخ، يدافع عن صنمية " السلطة وقوتها " في مستويات البنية الاجتماعية السياسية و الايديولوجية .

anfasse29013بعد اندلاع ثورة 17 ديسمبر 2010 و طوال هذه السنوات الخمس أصبح مشكل التسمية ذا راهن خاصة أمام ما تشهده البلاد الآن من احتجاجات بدأت في القصرين منذ يوم 16 جانفي 2016.إن هذه الاحتجاجات الشبابية للمعطلين عن العمل خاصة بولايات مهمشة و مقصية كالقصرين و سيدي بوزيد و الكاف و غيرها بحاجة لأن نفكر فيها محاولين فهم أسبابها و ضمنياتها مفكرين في مسألة التسمية هذه التي أصبحت موضوعا علينا الخوض فيه.تعالت الأصوات طوال هذه السنوات الخمس حول توصيف ما حدث في تونس منذ 17 ديسمبر فهل هي ثورة؟ هل هي انتفاضة؟ هل هو مسار و حراك ثوري؟ هل هو انقلاب؟ أم مؤامرة خارجية؟ و انطلاقا من كون جميع هذه التوصيفات نابعة عن تصور ما أو أجندا سياسية فإنّ بعض المثقفين اختاروا عدم التوصيف بحجة أنّ ما حدث و ما يحدث الآن لا يمكن توصيفه أو تسميته في اللحظة الراهنة.قبل أن نتوسع أكثر في مشكل التسمية و التوصيف علينا ان نطرح سؤال أساسي لماذا يشكل اليوم مأزق التسمية مشكلا و عائقا أمام ما يحدث؟

anfasse22017"المبدع في الشرق عامة ، قط جائع في حانوت للمعلبات ." ( محمد الماغوط)
ان تاريخ الانتفاضات التي عرفها المغرب منذ مرحلة الاستعمار الى الآن ، يبين أنه دائما ما كانت هناك تضحيات كبيرة من جانب الشعب المغربي لا تعكسها حجم التغيرات التي عرفتها البنية الاجتماعية بمستوياتها السياسية و الاجتماعية و الثقافية . فالاستثمار الاجتماعي لحركية الشعب لم يكن في مستوى التطلعات التي تفرضه كل مرحلة  . إن النخب المؤمنة بالمشروع الديمقراطي والمفروض فيها ان تلعب دور المحرك و المستثمر لحراك الجماهير ،لعبت في كثير من الاحيان دور المزيف للوعي الجماعي و حولت الحراك الشعبي الى صفقات لتحقيق مصالحها الشخصية او الحزبية الضيقة. كما انها تميزت ببؤسها في انتاج الادوات المعرفية القادرة على تفكيك أليات وميكانيزمات البنية الاجتماعية المغربية وطرح مشاريع مجتمعية وتصورات  لتغييرها و دمقرطتها . حيث المغاربة يعانون يتما حقيقيا من ناحية نخبهم في جميع المجالات مما يفسر جزء من عوامل  العقم الهيكلي الذي يعاني منه المجتمع في مستوياته المختلفة.
1-    محاولة لتعريف النخبة :

anfasse25128خلال الحراك الشعبي العارم الذي عرفه عالمنا العربي مشرقه ومغربه، كانت طموحات الجماهير، وعموم الموطنين والمواطنات، كبيرة وهائلة، كما أن سقوف المطالب كانت تطاول عنان السماء، وكان الكل يراهن على الخيار الديموقراطي الحداثي من أجل تحقيق الطفرة الكبرى التي بمكنتها إلحاق أمتنا وشعوبنا بمصاف الدول الرائدة في الاقتصاد، والاجتماع، والسياسية، ناهيك عن الثقافة والحضارة، غير أن انتقال سِيَاسِيِينا، وأحزابنا، وائتلافاتها وتحالفاتها، من حيز الوجود بالقوة إلى مجال الوجود بالفعل، أظهر بالملموس بعد سنوات غير يسيرة من ممارسة تدبير الشأن العام، أن الهوة لاتزال عميقة وسحيقة، بين المأمول والمتحقق على أرض الواقع؛ بين المشروع المجتمعي الكبير والواعد، والمنجز فعليا على أرض الميدان؛ بين الشعارات الرنانة والهائلة، وإكراهات مواجهة المطالب اليومية؛ مما أصبح يدفع المتابعين والملاحظين، والرأي العام، إلى التساؤل الجدي والجذري، حول جدوى إرساء الديموقراطية في بلداننا العربية بعد عملية التغيير، وعن فوائدها المادية الملموس على أرض الواقع .
لماذا فشلت النخب السياسية، التي كانت مبعدة ومهمشة قبل هبوب رياح الربيع العربي، عن تحقيق الإقلاع الاقتصادي والرفاه الاجتماعي الذي ظلت الشعوب، والطبقات المتضررة في مجتمعاتنا العربية تحلم به، وتتوق لنسائمه ورياحينه؟  
هل من المعقول البحث عن حصائل للديموقراطية في عالمنا العربي والإسلامي، وفسيلتها لازالت حديثة العهد بتربة بيئتنا ومناخها المتقلب وغير القار ؟

anfasse25122"ليس المهم ما نؤمن به ، وانما هو الكيفية التي نؤمن بها " (كيركجارد)
الداعشية هي فكر قبل  ان تكون ولاء لتنظيم معين والمحاربة ضمن جنده . فالذهنية هي رحم السلوكات والتصرفات ، والافكار والمعتقدات هي ما يشكل تمثلات الافراد للاشياء والحياة و التي تتحول بدورها الى محركات لإنتاج القيم والمواقف . الانسان هو منتوج للثقافة المسيطرة ،سواء عن وعي او عن غير وعي، خاصة ان كانت هذه الثقافة تفتقد الى آليات التفكير النقدي و تساهم في بناء العوائق الابستمولوجية لتملك الفرد لحرية الفكر والابداع .الثقافة المسيطرة في الخطاب الديني في اغلب البلدان الاسلامية ، تساهم بشكل محوري في انتاج  الذهنية الداعشية . فلو قارنا الخطاب الديني المهيمن  في الثقافة الاسلامية مع ما يروج له تنظيم داعش وما يمارسه  ، سوف نجد العديد من النقط المشتركة الاساسية :
1-    الحاكمية : النموذج الذي يسوقه الخطاب الديني السائد هو الحكم بالشريعة الاسلامية اي الاعتماد على الشرعية الدينية في الحكم و آلياتها بدل اليات الحكم الحديثة الوضعية من ديمقراطية و حقوق وواجبات وهذا ما تجتهد في تطبيقه  داعش في "الامارات " التي سيطرت عليها؛

anfasse18123لقد أصبحت مسألة حقوق الإنسان في واقعنا المعاصر ، تلقى اهتماما متزيدا وذلك نظرا لحيوية الموضوع و لعلاقته بكيان الدولة ككل من جهة ، ومن جهة أخرى أضحى مطلبا وطنيا ودوليا، إذ يعتبر التنصيص على حقوق الإنسان في مختلف التشريعات الوطنية وتنزيلها واحترامها دليلا على رقي المجتمعات حضاريا وسياسيا.
ولا غرو إذن ، في أن يكثر الحديث ومنذ سنوات عن حقوق الإنسان في المحيط الدولي والوطن العربي، بل وأخذ البعض يقارب موضوع حقوق الإنسان لا بوصفها مطمحا و  مظهرا حضاريا فقط للدول ، بل بوصفها مظهرا بارزا من مظاهر الديمقراطية ودعامة لها في نفس الوقت.
فقد كان صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948 تدشينا لمفهوم حقوق الإنسان كمفهوم محوري على الصعيدين المحلي والدولي من خلال الاتفاقيات الدولية ومختلف الدساتير والتشريعات الوطنية للدول.