anfasse26087الانتخابات في المجتمعات المتشبعة بالديمقراطية هي مجرد عمليات اجرائية لإشراك المواطنين عبر ممثليهم في رسم السياسات العمومية سواء المركزية او المحلية . فالديمقراطية مفهوم اوسع واعقد من مجرد اغلبية عددية انطلاقا من صندوق انتخابي ، فهي ثقافة وسلوك وقيم ، نواتها الاساسية هي " حق الفرد المواطن في امتلاك مصيره واختيار حاكميه وواجبه في قبول الآخر المختلف  "، مما يتطلب وجود بنيات تحتية ثقافية وسياسية لبروز الفرد المواطن المتمتع بحرياته الفردية وحقوقه الكفيلة بجعل اختياره حرا دون وصاية او قهر .والاختيار بدون تقييمه يصبح بلا معنى ، فالاختيار يرتبط ارتباطا وجوديا بالمحاسبة والمسؤولية والتي يحددها عقد الاتفاق الذي على اساسه تم هذا الاختيار. كما أن الديمقراطية بدون ثقافة الاختلاف و قبول ال"آخر" المختلف تتحول إلى أداة لقهر الاقليات وعدم إعطائهم فرصة لتحويلهم إلى اغلبية.

anfasse26085  "أفضل من لا شيء" جملة نرددها في كل المناسبات آنيا مادام الأفضل لم يأت بعد و ربما لن يأتي. لذلك، فلا خيار أمامنا سوى التحاف ما يقدم لنا بوصفه كساء عزاء يعانق الموت الحريري في زمن يخونه اللازمن، و يستلب فيه صمت البيئة المحرومة دهشة اختراق الفرح لحظة الٳعلان عن ضرورة الأفضل. ٳننا نعيش حلقات أعظم درامية ممسرحة تعتذر عن جحيمها الآني بوعود البحث عن حلم الأفضل و عن القوى الخفية القابضة عليه. فنحن في سنوات المرحلة الانتقالية؛ مرحلة التكاذب التي تستلهم من زلزلة روح الأفضل سحر الٳحساس بأننا نعيش حياة طبيعية٬ و بتعبير أدق٬ نتخيل حياتنا  - حياة طبيعية – تخيلا حسيا فيحضر الأمر و نقيضه بشكل يختلط فيه الحلم و الخيالي و المستحيل بالواقعي. هذه الحالة تجعلنا نتخيل أن لدينا تعليما يعلم٬ ومنظومة صحة تعالج٬ و جهاز عدالة ينصف... بينما الأسوء هو رضانا بمؤسسة التعليم التي لا تعلم٬ و بمؤسسة الصحة التي لا تداوي٬ و بمؤسسة العدالة التي تظلم... بل الأبشع من هذا و ذاك هو عدم القدرة على استشعار الأفضل و العجز عن تشخيصه و كأننا حرمنا من الشروط الضرورية التي تسمح لنا بتفعيل قدراتنا الفطرية.

anfasse0108 تلعب الصحافة دورا مهما في أي تجربة ديمقراطية ، فهي تساهم في تشكيل الوعي الجمعي وخلق الرأي عام . ولدورها الهام هذا كانت تتعرض لمختلف التجاذبات للسيطرة عليها و إستغلالها لخدمة فئات معينة ضد أخرى . كل سلطة إستبدادية هي بالضرورة عدوة لكل صحافة حرة مستقلة ، فهذه الاخيرة ،أرادت او لم ترد، هي سلطة مضادة تعريفا .مادة الصحافة الحرة هي الثقافة اليومية للمواطنين وجرعتهم ضد الآثار الجانبية للسلطة، فهي تقتات على مشاكلهم اليومية و تتبع أخبارهم ،و تفضح لصوصهم وفساد سياسييهم،وتعطيهم "كبسولات" ثقافية تسنفز إستبداد بداهاتهم ...
الصحافة في البلدان المتقدمة و نتيجة لما راكمته من مهنية ، وفي ظل مجتمعات مفتوحة متصالحة مع نفسها ،تتميز بقوة تاثيرها في صنع الاحداث و هاجس كابوسي لكل سلطة بما تمثله من رقابة اجتماعية على الفاعلين في المجتمع . وهذا مايجعلها رقما مهما في اللعبة الديمقراطية و في صراع السلط.أما الصحافة في المجتمعات المتخلفة ، هي بالمناسبة شبه - صحافة أكثر منها صحافة، فلقد جاءت ، كماعبر عن ذلك القصيمي: " بدون اخلاقها و مواهبها العقلية ،كما جاءت ادوات الحضارة الاخرى... لقد جاءت الشعارات الحضارية كالديمقراطية و الحرية ...بدون ان تكون في وعينا او ثقافتنا او اخلاقنا او مزاجنا النفسي، فصرنا لابسي حضارة لامتحضرين ، وكذلك وجدت عندنا صحافة لاصحفيون "( هكذا تكلم القصيمي).حيث تتميز اغلب الصحافة في البلدان المتخلفة ، بإفتقارها للمهنية وللجرأة و للاخلاق الصحفية .

" أحكام الإنسان المتخلف على الظواهر والأشخاص يشوبها الكثير من التحيز والقطيعة، إنها أحكام متسرعة ونهائية تصنف الظواهر والناس في فئات جامدة."
ــ مصطفى حجازي ــ
" كلما استطعنا أن ندخل الصيغ العلمية في لغتنا وإلى مجتمعنا، استطعنا أن نؤثر على الذهن في مجتمعنا، ونوجهه نحو إدراك علمي للواقع."
ــ مصطفى حجازي ــ
" إن جميع أنماط المعتقدات والأفكار التي تكون من أجل غرض اجتماعي، سواء كان هذا الغرض هو المعتقدات الدينية أو المذاهب السياسية أو الاقتصادية، إنما هي إيديولوجيات لا غير ..."
ــ هيوج اتكن ــ

    السياسة جاحدة بكل شيء، مصلحتها ليست تكمن في حفظ ودوام الجميع، بقدر ما أن غرضها هو ضمان بقائها على حساب الجميع، من ثمة فإن كل خطاب سياسي باسم مصلحة الجماعة ما هو إلا قناع يخفي وراءه الاستمرار، لأن السياسة تخاف كثيرا من الاضمحلال، أي أن نقطة ضعفها هي غريزة البقاء على غرار كل الكائنات الحية، وعليه فإن السياسة مثلا عندما تعمل على الحد من العنف فإن هذا الفعل، ليس حبا في الذين يعنفون بقدر ما هو كسرٌ لشوكة الذي يعنف، إذ عندما سينتهي من الأول سيتطلع إلى الثاني، كي يصنع لنفسه سياسته المهيمنة والخاصة، وهكذا دواليك، على العموم التاريخ يتقدم وفق هذا النمط ووفق هاته السيرورة، لهذا اعتبرت العرب في غابر الأزمان أن "السلطان عقيم" أي أنه لا يؤمن بابن ولا بحفيد ولا بقريب دموي، الكل ينتظر الفرصة السانحة للانقضاض، والحال أن التاريخ يخبرنا بذلك.

anfasse10075عرف المغرب  مجموعة من الاحداث مؤخرا ، تعتبر تهديدا حقيقيا للحقوق والحريات الفردية، حيث توالت لوحات المحافظة والفصام   و التي تتمثل في طرح مسودة للقانوني الجنائي ، و منع فيلم نبيل عيوش و محاكمته مع احدى بطلات افلامه ،و محاكمة فتاتين بادعاء ان لباسهما يخدش الحياء ، وانتشار فيديوهات في الانترنيت لسلفيين يلعبون دور شرطة النهي عن المنكر و الحث عن المعروف ، وسيادة خطاب محافظ في اللغة الثقافية والسياسية. يحدث هذا ، في ظل حكومة حزب اغلبي اصولي،  والذي  جعل من الخطاب الاخلاقوي  السطحي المشوه راسمالا رمزيا يبيعه في سوق  الانتخابات الشكلية، ويعتمد في ايديولوجيته على تأويل متخلف للدين مستند على مرجعية اخوانية وهابية . كما ان هذه الاحداث تاتي في سياق صعود تيارات داعشية فقدت كل عقلانية في ممارستها و فكرها ، و اصبحت متخصصة في ابداع ابشع صور التوحش والتخلف و البربرية . مما يجعل احتمال تطور الامور الى منحى اكثر محافظة وتطرفا ، خاصة في ظل هيمنة ثقافة اصولية في المجتمع ، و غياب مشاريع ديمقراطية حداثية حقيقية بديلة ، و توظيف الدولة للشرعية الدينية  والذي يجعلها اكثر ارتباكا في مواجهة هذه الاحداث ، و استعدادها  للتنافس مع الاصوليين في هذا الحقل عبر استغلال الدين للحفاظ على مصالح الفئات الحاكمة .

anfasse7788"أنا انافق ، إذن ان موجود" ؛ يستحق هذا الكوجيطو ان يكون ملخصا مكثفا للوجود الانساني في مجتمعات التخلف والفصام .عدم مواجهة الواقع والذات سمة اساسية من سمات ذهنية من يعيش القهر والتخلف ، فهو يكسر بعنف كل الآليات التي تساهم في تعرية حقيقته ، لانها ببساطة تظهر مدى بشاعته . " الانسان المقهور يخجل من ذاته ، يعيش وضعه كعار وجودي يصعب إحتماله" كما اشار مصطفي حجازي في كتابه " سيكولوجية الانسان المقهور " . التخلف يحول الفرد الى مشروع عار في حالة قلق دائم خوفا من مواجهة واقعه . ويجعل منه عدوا لدودا لأرواح الاشياء وعمقها ، وسالا سيفه ليحارب  الفن باعتباره عملية  صيد جميلة للأرواح.

anfasse66من أسوأ النتائج المترتبة على حالة السيولة الاعلامية التي تعانيها وسائل الاعلام العربية، الجديدة منها والتقليدية، لاسيما على مستويي الفضائيات والمواقع الالكترونية، هو شيوع تحليلات وأفكار عبثية حول الأخطار والتهديدات والتحديات الوجودية التي تواجه معظم الدول العربية في المرحلة الراهنة.
لا أقصد هنا الاعتماد المتزايد على نظرية المؤامرة، واخضاع كل مايحدث في المنطقة من تطورات لتفسيرات في نطاقات هذه النظرية، الضيقة او المتسعة، ولكني أقصد تحديدا التشويش على مصادر الخطر الحقيقة القائمة وضياع معالم هذه الأخطار وسط هذا القدر الهائل من الضجيج والصراخ الاعلامي، وفتح الباب امام موجات متزايدة ممن يطلق عليهم خبراء استراتيجيين للحديث بهدف ملء ساعات البث أو لأهداف اخرى خفية أو لغير ذلك، في فوضى اعلامية لا ينافسها سوى فوضى الفتاوى الدينية التي تسببت في تعميم أجواء الارباك وخلط الأوراق.

1syndicat-maroc ـ لمحة تاريخية عن نشأة الحركة النقابية المغربية
مرت على دخول التنظيم النقابي العصري إلى المغرب حوالي 100 سنة، فبعد سنوات قليلة على توقيع معاهدة الحماية بدأت تتكون جمعيات مهنية  في المغرب على يد الأجانب متأثرة  بتطور الأوضاع في فرنسا بعد الحرب العالمية الأولى.حيث الشروط تأسست ثلاث تجمعات مهنية في ظرف ثلاثة أشهر سنة 1919 :
          - الجمعية العامة لموظفي الحماية (10 ماي 1919)
          - تجمع عمال و مستخدمي الشحن و الإفراغ المغربي (8 يونيه 1919)
          - اتحاد وداديات شغيلة الكتاب بالدار البيضاء (10 يوليوز 1919)
 بعدما كانت قد تأسست تعاضدية البريديين عام 1916 كأول تنظيم تعاوني بالمغرب.
و مع صعود حكومة  "الكتلة الوطنية" اليمينية في فرنسا، التي قمعت إضرابات ربيع 1920 الكبرى و لاحقت النقابيين و حاكمتهم. انعكست هذه الأوضاع على الحركة العمالة المغربية ، وادت إلى تحول التجمعات المهنية إلى وداديات مهنية سنة1922 كان من اهمها :