تستبق كثير من الشركات الصينية الأحداث، لتحمي نفسها من شر يقترب أصاب واحدا من أشهر برامج التكنولوجيا المحلية حول العالم "تيك توك" (TikTok) الذي بات مصيره مرهونا بطرف ثالث بشأن استمرار عمله في الولايات المتحدة الأميركية، بعد اعتباره يشكل خطرا على الأمن القومي.
فالتطبيقات الصينية العابرة للحدود باتت تخشى مصيرا مشابها، بعد تحرك حكومات دول عدة نحو إعادة فحص طبيعة عملها وارتباطاتها، خاصة في الدول الأوروبية، بعد التصعيد الأميركي ضد الصين.
ويرى المستشار في الابتكار إنريكي دانس -في مقال له- أن التطبيقات الصينية تعلمت أن تستفيد خارج موطنها من خلال الاكتتابات العامة وخاصة في الولايات المتحدة، فقد باتت تعرف المزيد عن فئة المنتج من أي شخص آخر في العالم، وبات بإمكانها إطلاق منتجاتها في أسواق أخرى.
وأضاف، أن الحكومات الغربية بدأت ترى أن التطبيقات والخدمات الصينية تشكل خطرا، لأنها في جيب الحكومة الصينية التي تقوم الآن بإنشاء قاعدة بيانات للمعلومات الرئيسية في الخارج (OKIDB)، بشأن البيانات المحتملة التي تهم المواطنين البارزين أو المؤثرين في البلدان الأخرى، إذ إن السلطات في بكين ليست وحدها التي تتبع هذا النوع من المراقبة، لكنها تفعل ذلك على نطاق لا يمكن تصوره.
التطبيقات الأكثر نفوذا
وبخلاف "تيك توك" للفيديوهات القصيرة، وبرنامج المحادثة "ويشات" (WeChat) الذي يستخدم أيضا للتسوق والدفع الإلكتروني، اللذين تسعى الحكومة الأميركية لحظر عملهما في الولايات المتحدة بذريعة الأمن القومي، تمكنت العديد من التطبيقات الصينية من الوصول إلى ملايين الأجهزة الذكية حول العالم.
علي باي (alipay)
وهو تطبيق يتبع مجموعة علي بابا، وواحد من خدمات الدفع -عبر الهاتف المحمول- الأكثر شعبية في الصين، ولديه طموحات دولية، حيث تعمل مجموعة "آنت" (Ant) المالية الذي يندرج تحت إطارها على تنفيذه في شركات التجزئة بالخارج.
ويقول ماكسيميليان فريدريش المحلل في "إيه آر كيه إنفيست" (ARK Invest)، إن بعض التطبيقات الغربية تحاول نسخ نموذج مجموعة "آنت" المالية، "لكن لا شيء ينافس مقياس آنت ومدى وصولها، أو اندماجها مع عملاق التجارة الإلكترونية الصيني علي بابا، أو كيفية استفادتها من الذكاء الاصطناعي".
وأضاف أن نهجها في استخراج البيانات الشخصية، والعلاقات مع الحكومة الصينية، قد يثير مخاوفا بشأن الخصوصية، خاصة مع توسعها في الخارج.
لكن شبكة "سي إن إن" (CNN) الأميركية علقت بشأن العقوبات الأميركية ضد مجموعة "آنت" الصينية بأنها "تهديد فارغ"، إذ تعتمد في إيراداتها على التعاملات المحلية، وهو ما سيحميها من أي هزات عالمية قد تتعرض لها.
شير إت (SHAREit)
وهو تطبيق لإرسال الصور والموسيقى وملفات أخرى بين الأجهزة دون اتصال بالإنترنت أو بلوتوث نشط، حيث يمكن إرسال كافة الأشكال والأحجام. ووفقا لمؤشر الأداء "أبس فلير" (AppsFlyer)، فإن التطبيق احتل المرتبة الأولى عالميا من حيث النمو بين مصادر الوسائط، حيث حقق معدل نمو هائلا بلغ 160% في عمليات تثبيت التطبيقات في النصف الأول من عام 2020، مقارنة بإصدار 2019.
وترافق هذا الارتفاع مع زيادة كبيرة في قاعدة عملاء التطبيق، مما ساعده على تأمين المركز الأول في شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط.
وتسعى "شير إت" إلى تصميم إستراتيجية محتوى دولية خاصة تواصل السير بها نحو العالمية، وكان آخر هذه المساعي تعيينها الهندي "بيوش باتيا" نائبا للرئيس لإستراتيجية المحتوى العالمي والاستحواذ، حيث انضم إليها بعد 14 عاما من المهام القيادية الناجحة مع علامات تجارية عالمية.
يو سي بروسير (UC Browser)
تم تطويره بواسطة شركة الإنترنت عبر الهاتف المحمول "يو سي ويب" (UCWeb) التي تتبع مجموعة علي بابا، وهو أحد أكثر متصفحات الجوال شيوعا في الصين وإندونيسيا.
وأثار التطبيق كثيرا من الجدل بشأن الأمان والخصوصية، وحظرته الهند في يونيو/حزيران الماضي. وفي مايو/أيار 2015، أشارت وثائق وكالة الأمن القومي "إن إس إيه" (NSA) -التي سربها المخبر إدوارد سنودن- إلى أن "يو سي بروسير" يسرب بيانات حساسة مثل هويات المشتركين الدوليين في الهاتف المحمول، وبيانات أخرى مكنت وكالات الاستخبارات من تتبع المستخدمين.
هيلو (Helo)
تطبيق وسائط اجتماعية أطلق في الهند عام 2018، ولديه حاليا أكثر من 50 مليون مستخدم فيها، وتعود ملكية شركة (Helo Holdings Limited) التي أصدرته إلى شركة "بايت دانس" (ByteDance) الصينية التي تملك تطبيق "تيك توك".
وجرى تنزيل التطبيق أكثر من 100 مليون مرة على متجر غوغل منذ إنشائه، بعد إتاحة تنزيله في الولايات المتحدة وكندا وسنغافورة وماليزيا ودول الخليج وبعض الدول الأفريقية لخدمة الهنود في هذه المواقع.
ووفقا لبيانات الشركة نهاية العام الماضي، فإن المستخدمين يقضون نحو 30 دقيقة على تطبيق "هيلو"، و85% من المحتوى على النظام الأساسي من إنشاء المستخدمين.
تطبيقات أخرى
ويضم متجرا آبل وغوغل العديد من التطبيقات الصينية التي عززت وجودها حول العالم، منها "كام سكانر" (CamScanner) تطبيق المسح الضوئي واسع الاستخدام، ومحرر الصور تطبيق فلتر السيلفي "بيوتي بلس" (BeautyPlus) الذي تشير العديد من الاستطلاعات إلى أن أكثر من 50% من المستخدمين يقومون بتحرير صورهم باستخدامه قبل النشر على منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى "تريب. كوم" (Trip.com) وكالة السفر الدولية عبر الإنترنت التي تضم أكثر من 400 مليون مستخدم حول العالم.
ضمان البقاء
تشير إحصاءات متعددة في مجال الدفع المالي إلى أن الشركات الصينية تمثل أكثر من 50% من الشركات حول العالم، ووفقا لتحليلات "سي إن إن" الأميركية، فإن الحظر المفروض على "علي باي" و"ويشات" سيضر بالشركات الأميركية التي تعتمد على التطبيقين في الصين.
ويرى محللون، أن هذا الطريق هو طوق النجاة للتكنولوجيا الصينية من خطر العقوبات الغربية والأميركية، عبر السعي لربط وجودها باستمرار مع مصالح الشركات في البلاد التي تسعى لحظرها، مما يضمن لها أن تبقى عابرة للحدود.