نزل الفيلسوفُ مُحمَّد مُـوهُـوب* ضيفاً على إذاعة مراكش ضمن برنامج "فنّ وسياسة" الذي يُقدّمه الإذاعيّ حسن بنمنصور، وذلك يوم السبت الماضي على الساعة الثانية عشر نهاراً.
نبتهلُ، نحن بدورنا، فرصة هذه الخرجة الإعلامية لمحمّد مُـوهُــوب، فنحاول التفكير معه في هذا الذي فكّر فيه ونُسلّط الضوء على بعض ما أوقَف عليه ضمن حديثه في البرنامج. يُمكن وضعُ هذه الخرجة في إطار خرجات مُوهُوب الإعلامية المتعدّدة والمُختلفة، عبر مختلف القنوات والإذاعات، من أجل محاولة إخراج الدرس "الفسلفي الصارم" من أسوار الجامعة، وعرضه على محكّ أسئلة الناس وهمومهم. وهو ما كان وراء تأسيسه بمراكش، رفقة آخرين، لما سُمي بـ "ليلة الفلاسفة" (La Nuit des Philosophes).
في بداية البرنامج، وهو يُقلِّبُ أوراق عمرٍ ولَّت، يتذكّر محمّد مُوهُـوب ويُذكِّر بسنوات تدريسه لمادة "الفلسفة السياسية"، ليوقفنا، من خلال هذا التذكير، على التصوّر الذي يصدُر عنه في طرقه لسؤال الفلسفة في علاقتها بالسياسة؛ مفاد هذا التصوّر أن الفسلفة مذ بدأت وهي سياسة/ سياسية. منذُ بداياتها، إذن، والفلسفةُ غير منفصلة عن السياسة، عن الأوضاع السياسية، عن الشأن العام، عن التزاماتنا ومسؤولياتنا تُجاه هذا الشأن، ما نحنُ مدينون به له.
هكذا ظهرت فلسفةُ أفلاطـون، يُذكّرنا مُـوهُـوب، كبديلٍ عن واقعٍ متردّي في القرن الرابع قبل الميلاد، واقع لا يفتأ يُسائل مسؤولية المُجتمع تُجاهه؛ فبعد الحُكم الاستبدادي الذي كان يطبع سياسة أثينا في تلك الفترة، تمت الاستعاضة عنه بما سُمي بـ "حكومة الثلاثين"، والتي كان من بين مّمَثِّليها والقائمين عليها بعض أفراد عائلة أفلاطون، الشيء الذي جعل هذا الأخير يعرف السياسة عن قرب، وهو ما توقفنا عليه "رسالته السابعة"، فقد جعله كل شيءٍ يحيط به، منذُ شبابه، مُتطلِّعاً إلى الإلقاء بنفسه في أحضان السياسة. بيد أن كلا هذين الحُكمين، الاستبدادي والديموقراطي، لم يكشفا إلا عن تردّيهما، فكلاهما تكالبا، بتعبير مُوهُوب، على أفضل رجلٍ عرفه أفلاطون، الرجل المثال، وهو سقراط، تكالبا على توريطه في قضايا سياسية فاسدة ذهب ضحيةً لها. وهو ما أوقَف أفلاطون على أن هذا المناخ السياسي يَلزَمه "تقليبُ الأرض" ككل، وليس فقط إضافة اختيارٍ سياسي وسط الاختيارات المتاحة أو الإمكانيات المُمكنة داخل أفق الوضع السياسي القائم. هكذا، بعبارة موهوب، اجترح أفلاطون الفلسفة.