"عندما بلغ هابرماس عقده التاسع من حياته، أراد أن يبني مبلغًا كبيرًا، تحفة لشخص حكم عليه عصره بالعزلة الفكرية. من خلال الإصرار على هذا الجانب، فإنه يعطي لونًا متحركًا لهذا العمل الذي تكتسب عملاقته معنى غير متوقع. لقد جسّد هابرماس بامتياز الجيل الثاني من مدرسة فرانكفورت هذه التي عرّفت نفسها على أنها "نظرية نقدية". لم يدير ظهره لما كان يمكن أن يكون دليلاً لحياة فكرية كاملة. هذا الثبات بالذات، هذا العناد الذي لن يسهم قليلاً في مكانتها، سيكون له أيضًا فضيلة إنتاج عمل فلسفي من التماسك الذي لا يمكن إنكاره، بغض النظر عن تقدير المرء للتوجه الذي يتبعه. يكفي القول منذ البداية إننا لا ندرك أنفسنا بالضرورة في مقاربة هذه "النظرية النقدية" التي بدأناها قبل الحرب العالمية الثانية من خلال عمل أدورنو وهوركهايمر. لا يمكننا، في الواقع، الموافقة على هذا المفهوم للفلسفة كمعرفة كاملة، تفيض نحو التخصصات التي تعتبر مرتبطة مثل علم الاجتماع أو التفكير السياسي، وحتى علم اللاهوت. من خلال المعانقة أكثر من اللازم، فإنك تخاطر بأن لا تعانق أفضل من الصحفي الجيد. ان كتاب مثل هذا له ما يشبه نهرًا هائلاً، نوعًا من أمازون يحمل مادة كبيرة، يضيع فيه المرء أحيانًا ويمكن أن يختنق - ومن هنا جاءت الملاحظة المتكررة بأن قراءة هابرماس صعبة.

للإجابة على فك الاشتباك بين المكان والزمان وعلاقة الذاكرة بالخيال وعلاقة الاثنين مع الزمان :

  • الذاكرة هي مستودع ما تختزنه الذات من تجارب الحياة على شكل تراكم خبراتي يصيبه النسيان مع مرور الزمن. الذاكرة ليست تموضع تجريدي في الوعي الادراكي فقط بل هي وجود عضوي في بعض خلايا الدماغ. كذلك الخيال وان كان يغلب عليه اللاشعور فهو ايضا يحسب على بعض الخلايا العصبية بالدماغ هي المسؤولة عن تداعيات الخيال.
  • الخيال ليس مصدره الذاكرة بل مصدره المخيلة التي تبتدع الخيال بلغة التعبير عنه تجريديا بالفكر واللغة. هنا تكون المخيلة زمانا زائلا بخلاف الذاكرة التي تكون زمانية ثابتة بدلالة مكانها الثابت في تركيبة الدماغ العضوي لبعض الخلايا العصبية. الزمان حركة دائمية حتى حين يلازم كل مدرك وجودي ثابت.

الزمان في علاقته بكل من الذاكرة والخيال اوضحه بالتالي:

الذاكرة هي وسيلة التعامل مع الزمن الماضي كإستذكارات لحقائق تاريخية حدثت فيه، واخذت صفة الثبات كوقائع تاريخية وليست زمنية ملازمة حيادية تجريدية الادراك. اننا حين نقول ان الوقائع التاريخية هي ثبات زماني غير مدرك فاننا بذلك نعتبر ثبات الزمان الوهمي يقاس بدلالة ثبات المكان الواقعي الحقيقي كتاريخ ماضي وليس كزمن ماض.

  رغم استحالة استذكار الذاكرة لوقائع التاريخ من دون ملازمة زمنية ادراكية محايدة تجريدية لها، فإن هناك فرقا كبير بين زمن الذاكرة الذي هو استمرار تداعيات التذكر لاحداث الماضي، وبين الزمان التاريخي الذي حدثت فيه وقائع ذلك التاريخ الذي تحاول الذاكرة استحضاره من ماضيه التاريخي الى زمانيتها في الحاضر الذي تعيشه الذاكرة. بالحقيقة الاستذكار الخيالي لا زمني.

نشر الباحث الفلسفي المغترب حاتم حميد محسن مقالة مثيرة على موقع المثقف بعنوان ( اشكالية الزمن.. هل الزمن موجود؟). الحقيقة انا كنت نشرت عدة مقالات تناولت فيها اشكالية الزمن هل هو موجود حقيقي نسبي يدرك ومطلق ازلي لانهائي لا يدرك من حيث وحدة الصفات والماهية غير المدركتين عقليا، ام الزمن دلالة واسطة معرفية افتراضية لمدركاتنا معرفة  العالم والطبيعة والكون.

السائد فلسفيا ان الزمن حضور غير  وهمي في ملازمته المكان بمشروطية اكتمال ادراكاتنا الاشياء. وهذه نظرية كانط في الزمكان.. وجدت نفسي اكتب هذه المقالة حين علمت اشكالية الزمن الموجودية كانت مثار نقاش فلسفي في كتاب صدر في الولايات المتحدة الامريكية لثلاثة باحثين بكتاب يعالج هذا الموضوع.

مقالة الباحث الفلسفي حاتم استعرض بها بشكل مقتضب ابرز النقاط في الكتاب الذي صدرحديثا بالانكليزية ولم يترجم للعربية اعتمده الباحث نقلا عن ثلاثة باحثين بالفلسفة امريكان هم :كريستي ميلر، جونثان تالوت، وسام براون. تناولوا فيه اشكالية السؤال المثير هل وجود الزمن حقيقة مدركة ام هو وهم افتراضي في تعالق الزمكان ادراكيا كما اثبته كانط اثباتا ميتافيزيقيا وليس فيزيائيا؟..

طالما نحن نناقش تعالق الزمكان ضمن توليفة ادراكية عقلية معرفية لا بد لنا من طرح الاجابة عن التساؤل المثير حول اشكالية الزمن ...هل الزمن موجود ام هو دلالة وهمية للادراك ؟ .

هارتمان والتفكير المادي
في تفرّد متمايز وفلسفة واضحة بلا تعقيد يطرح نيقولاي هارتمان احد اعضاء مؤسسي فلسفة الحياة رؤاه الفلسفية "جوهر الفكر أنه لا يستطيع التفكير بعدم، بل فقط بشيء ما ". ويضع هارتمان بعض ركائز فلسفته المادية في إعلائه قيمة العقل قوله " أخطأت الميتافيزيقا القديمة خطأ مزدوجا، فقد كانت تدّعي من جانب أنها تقدم حلا لما هو غير ممكن المعرفة، ومع ذلك فإن كل موجود يمكن إدراكه ومعرفته."
بهذه العبارات يجّنبنا هارتمان الخطأ المستمر تداوله إعتبارنا الميتافيزيقا  تستطيع معالجة الوجود والاشياء كموجودات مادية، وهذه الخاصّية تتقاسمها الميتافيزيقا مع جميع الفلسفات المادية غير المثالية. كما أن القول الانسان كائن ميتافيزيقي لم تمت رغم إدعاء نيتشة موت الاله وإدعاءات فلاسفة المادية العقلية العلمية إنتحار الاديان في منجزات العلم. ويذهب البعض ان جوهر الفلسفة هو الميتافيزيقا الذي بدايته كانت مبحث الوجود في الفلسفة اليونانية.

يقول هارتمان بوضوح إسلوبه الفلسفي الرشيق " العقل العارف – عقل المعرفة -  يتجه في الإتجاه المعاكس للعقل المدرك للماهيّات ". هنا يتوجب علينا التنبيه الى أن العقل لا يدرك الماهيّات في كل مدركاته كونها مضيعة وقت بحسب فلسفة كانط وفلاسفة اخرون وكذا الماركسية.

1
مركزيةُ الوَعْي في الروابط الاجتماعية مُرتبطة بالتَّحَوُّلات التاريخية التي تُساهم في تطويرِ الأنساق الثقافية، وتوظيفِها في إفرازات الفِعل الاجتماعي القائم على العقلانية ، التي تُمثِّل الأساسَ لشرعية وجود الفرد في المُجتمع ، وتُشكِّل القاعدةَ التي تقوم عليها العلاقةُ المُتبادلة بين الهُوية المعرفية والماهيَّة الأخلاقية . وإذا تَمَّ تحليلُ هذه العلاقة في ضَوء المَعنى الذي يُسْقِطه الفردُ على كَينونته ، فإنَّ الفِعل الاجتماعي سَيَكشف معالمَ نُقطة الالتقاء بين السُّلوك الإنساني والرمزية اللغوية ، مِمَّا يُساهم في تفسير خصائص المُجتمع المُتَحَرِّرَة مِن النماذجِ الجاهزة لسُلطة التاريخ ، والحالاتِ الشُّعورية البعيدة عن الواقع . والواقعُ لَيس مَفهومًا مُجَرَّدًا ، أو انعكاسًا ميكانيكيًّا للفِعل الاجتماعي، وإنَّما هو كِيَان يُزيل العوائقَ بين الوسائل والغايات ، ويُحوِّل الوَعْيَ إلى أداة فاعلة لتحليل الوقائع التاريخية والأحداث اليومية ، ويُكرِّس آلِيَّاتِ التأويل اللغوي لنقل المَعنى مِن الفِعل إلى الفاعليَّة ، ويُحدِّد الخُطُوطَ الفاصلة بين المصلحة العامَّة والمنفعة الشخصية .

  عندما أقرأ كتابي المفضل " المتخيل " لجون بول سارتر ، أحس أن الخيال ذاتي ، وأنه  جزء لا يتجزأ عن البسيكولوجيا . فما كان أمام هذا الوجودي إلا أن يشرح لتلامذته ، في الباكلوريا ، أن الإدراك والمعرفة و الفهم والشعور والذاكرة ، جميعها تحتل مناطق غامضة من الذات الإنسانية . فكان الاهتمام بالصورة ، التي زلزلت العالم اليوم ، منبعا يفيض حيوية ونشاطا ، فمهما اشتد حبل الإبهام والغموض من حولها ، كلما عنت لنا أشياء جديدة تزيد من تعلقنا بأهداب هذا المتخيل الفاني .

  ففي سنة 1927 دشن سارتر مساره العلمي ، ووضعه على المحك ، من خلال بحثه لنيل دبلوم الدراسات العليا في موضوع " الصورة في علم النفس " ، والذي حدد فيه العلاقة التي تربط بين الشعور والصور الذهنية . فالإحالة و التأويل عنصران يشتغل بهما العقل الباطني عند الإنسان ، فاستحداث التمثيل الذهني لابد أن يعود إلى مرجع مادي لا إلى معنى يخيط به الوجود . بهذا كان سارتر من السباقين إلى عقد قران بين التفكير والصورة الذهنية ، وجعل من القدرات ، التي يتمتع بها الانسان ، محط تأمل .

  ف" الخيال " عنوان كتاب صغير ألفه سارتر سنة 1936، ولم يعرف طريقه إلى القراء إلا بعد مرور أربع سنوات بعد ذلك ، غير أن التفكير السارتري تأثر كثيرا بفلاسفة سبقوه إلى إزالة أطودة الجليد ، التي تراكمت على الفكر النفسي منذ نهاية القرن التاسع عشر ، وفي مقدمتهم نجد الفيلسوف هنري برجسون . بما هو أعطى أهمية قصوى للتجربة الملموسة والحدس ، ليشكلا فيما بعد دعامته الأساسية في وضع أسس اشتغال علم النفس والخيال . فالدور الذي قام به هذا الفيلسوف هو منح لسارتر التذوق الفلسفي للأشياء ، التي تسكن الوعي ، من خلال كتابه " المادة والذاكرة " ، الذي ألفه نهاية القرن التاسع عشر، وبالضبط سنة 1897 .

 لأقلها منذ البداية: هذه قراءة موجزة لمقالة فلسفية نشرها بول ريكور سنة 1988 في مجلة اللاهوت والفلسفة.
لا ينفرد هذا النص، الممتد بين الصفحة 1 والصفحة 19، بكونه يستدعي المنهج الطبي لاستثمار الظاهرة المدروسة - وقد استحوذت أخلاقيات علم الأحياء على هذا الموضوع. ويترتب على ذلك أننا، كقراء، لن نستكشف هنا الجانب الأخلاقي المروع الذي يمكن أن تتخذه الأزمة، كما حللها بول ريكور على شكل عقلنة ضرورية لألم المعاناة "التي كانت المهمة البابلية والمهمة العبرانية شاهدتين رائعتين عليها".
أكد بول ريكور منذ البداية أنه تعامل مع الأزمة على أساس أنها أزمة الزمن الحاضر، هي بطبيعتها مشوشة، إذ - بحكم التعريف - لم يتم حل النزاعات التي تعبرها. وأشار إلى خمس نقاط ارتكاز لهذه الفكرة، بل خمسة نماذج دراسية: ا) نموذج طبي، بل علاجي، بمعنى عملية تطهير؛ ب) حالة نفسية - فيزيائية - (مرضية) - منطقية من الضيق الجسدي والنفسي العميق ؛ ج) الانتقال من نموذج الأقلية إلى نموذج الأغلبية ؛ د) نموذج معرفي، يتجسد التقدم الذي يتطور عبر القطيعة ضمن عملية تعقيد المعرفة؛ ه) الاقتصاد، الذي ليس العامل الوحيد للأزمة.
معتبرا النموذج الطبي كمرجع، حدد بول ريكور أن الآلام دائما هي التي تعمل كمؤشرات على التباينات والتفاوتات والتناقضات التي تؤثر على النظام الاجتماعي ككل. واستنتج من ذلك ما يلي:
"هذه المعاناة في نهاية المطاف هي التي تشكل تهديدا لجميع التوازنات الأخرى وفي النهاية للأيديولوجية المهيمنة، أي التسلسل الهرمي للقيم الذي يتم من خلاله تعريف المجتمع العالمي".
من هنا، وضع الناس "نظرية" للأزمات: الاستقلال الذاتي لوسائل الإنتاج، وتواترها، والعولمة باعتبارها "إيديولوجية الليبرالية الجديدة" التي "فرضت على العالم الغربي تمثيل الظواهر الاقتصادية على أنها منفصلة عن المجتمع و تشكل في حد ذاتها نظاما متميزا يجب أن يخضع له العالم الاجتماعي بأسره "(وفقا لـ Dumont) وتؤثر ، وفقا لـ K. Polanyi، "ليس على العوامل الثقافية بل أيضا على البعد السياسي، على الرأسمالية الليبرالية التي كانت تحتضر سنة 1939، عندما دفنت الفاشية بشكل غير رسمي".

يعتبر لودفيغ فتجنشتاين من أكثر الشخصيات أصالة في القرن العشرين. كان قيد حياته فيلسوفا شديد الانغلاق، تناوب بين مسارات مهنية ووظيفية. يرى البعض أنه باشتغاله على اللغة وضع أسس الذكاء الاصطناعي.
هو المفكر الأكثر فرادة في القرن العشرين. متسبب في التفجير، حكيم ومجنون، قديس وشيطان. يبدو كأنه هارب من رواية قد يكون دوستويفسكي وكونان دويل حاولا كتابتها معا. ولأن القلق وعشق الانتحار التهما في آن واحد فيتجنشتاين وسكنه عبقري منطقي فقد تخطى الفكاهة. تكاد وفاة الرجل عن عمر يناهز 62 عاما، في نهاية أبريل 1951، تكون تفصيلا ثانويا. كلماته الأخيرة: "أخبروهم بأنني عشت حياة رائعة". تخللتها بالفعل مغامرات فكرية، كانت مشبعة بالتناقضات، انتقلت من ثراء فاحش إلى فقر مدقع، من الجامعة إلى جميع أنواع المهن (مهندس، بستاني، مدرس، مهندس معماري، حمال، إلخ..).
في القرن الحادي والعشرين، استمر فتجنشتاين في إرباك الفكر: مؤخرا، لاحظ باتريك هيبرون، خبير الذكاء الاصطناعي لدى المقاولة الإعلامية Adobe، الذي درس الفلسفة مع جاري هاجبرج، المتخصص في فيلسوفنا النمساوي، أن بنية الشبكة الموضوعة لتشغيل ترجمة غوغل كانت عبارة عن تمثيل حرفي لعمل فيتجنشتاين في اللغة.
كل شيء بدأ في فيينا نهاية القرن التاسع عشر، في حضن أعظم ثراء. عاش آل فيتجنشتاين، سادة الصياغة، في قصر فخم، حيث توجد ثروات عظيمة أخرى من الحديد الصلب، آل كارنيجي أو آل كروبس. كان الأب كارل هو راعي الطليعة. تردد لودفيغ أثناء طفولته على برامز وماهلر، صديقي والديه.
رسم كليمت صورة زفاف أخته مارغريت، الأكثر إشعاعا فكريا من بين الأطفال الثمانية، والتي ستجري تحليلا مع فرويد.
تعلم لودفيغ العزف على البيانو وحلم بأن يكون قائد أوركسترا. شوهد شقيقه الأكبر، بول، عازف البيانو في الحفلات، يعزف بيده اليسرى لأن اليمنى جرحت في الحرب. لكن هذه العائلة اجتاحتها اضطرابات بدليل أن اثنين من إخوته الأكبر سناً انتحرا.

إن كتاب "الوجه السياسي للثقافة العربية المعاصرة" هو بمثابة دراسة سوسيولوجية من تأليف الكاتب والباحث السوري "رشيد الحاج صالح"، إذ ينصرف موضوعه إلى تشريح الثقافة العربية المعاصرة، وتفكيك أنماط الوعي المتفاعلة داخلها، بهدف إعادة بنائها على أسس جديدة، تزيح الأسس القديمة التي تعيق تطويرها. و قد قسم المؤلف كتابه إلى خمسة فصول، مذيلا إياه بخاتمة استنبط من خلالها أهم الاستنتاجات والتوصيات التي تَوَصل إليها .
ففي الفصل الأول من الكتاب، يميز المؤلف بين ثقافتين في المجتمع: ثقافة مهيمنة وهي ثقافة الفئات الأقوى والأكثر نفوذًا داخل المجتمع، أي السلطة والنخب المتحالفة معها، وثقافة مهيمَن عليها، والمقصود هنا ثقافة الفئات الأضعف بالمجتمع، أي ثقافة الجماهير أو عامة الناس، والتي تتصف، بحسب الكاتب، بكونها ثقافة عاطفية وغير عقلانية، لكونها سهلة التصديق والتأثر والانخداع، وهذا يعود إلى افتقارها للحس النقدي، وذوبان شخصية الفرد في الجماعة، بما يؤدي إلى نشوء ما يسميه "غوستاف لوبون"، في كتابه المشهور "سيكولوجية الجماهير"، بالنفس الجماعية التي تملي على الفرد تبني سلوكيات وأخلاقيات معينة .

إن الله هو الموضوع الاول و الاسمى و الجدير بكل دراسة من قبل فلسفة الدين، فالله هو الموضوع الرئيسي للأديان جميعها ، باستثناء بعض الديانات الوضعية مثل البوذية و الطاوية و الكونفوشيوسية التي لا تعتقد بالألوهية ، و حيث إن فكرة  الله هي فكرة ذات قبول عام عند مختلف الامم و الجماعات على مر الازمنة و العصور ، و كلما زاد وعي الإنسان زاد اهتمامه بمشكلة الألوهية[1] ، فالبشرية بدأت بالتوحيد و معرفة الله الحق ، لكن الإنسان بابتعاده عن هذه الحقيقة ظل في تصور إلهه و معرفة خالقه ، فعبد من دونه كل شيء. و لذلك اهتمت الفلسفة بالتدليل على وجود الله ذلك المفارق المتعالي المنزه عن كل صفات البشر بطريقة عقلانية خالصة ، فتعددت البراهين و الادلة التي تؤكد على وجود الله ، و يمكن تصنيفها بصفة عامة إلى مجموعتين :

  • الاولى : أدلة و براهين تعتمد على الطابع العام لنظام الطبيعة
  • الثانية : أدلة و براهين قبلية تعتمد على مبادئ عقلية يقال إنها واضحة بذاتها[2]

مقدمة
"وبالتالي، فإن نيتي ليست تعليم الطريقة التي يجب على الجميع اتباعها لإدارة عقله بشكل جيد، ولكن لإظهار الطريقة التي حاولت بها إدارة عقلي." 1
الخطاب في المنهج هو عمل لرينيه ديكارت نُشر عام 1637. وهو أول كتاب فلسفي يُنشر باللغة الفرنسية بطلاقة (كانت الكتب العلمية سابقًا تُنشر باللاتينية). رافضًا كل سلطة ، حدد ديكارت بعبارات بسيطة يمكن الوصول إليها من جميع القواعد الأربعة التي يجب أن تسمح للجميع بالوصول إلى الحقيقة: قاعدة اليقين ("لا تقبل أبدًا أي شيء على أنه حقيقي ومن الواضح أنني لا أعرفه على هذا النحو")قاعدة التحليل ("قسّم كل من الصعوبات التي سأفحصها إلى أكبر عدد ممكن من الطرود وكما هو مطلوب لحلها على أفضل وجه") ;قاعدة التوليف ("قيادة أفكاري بالترتيب")و قاعدة التعداد ("اجعل الحسابات كاملة في كل مكان والمراجعات عامة جدًا لدرجة أنني كنت متأكدًا من عدم حذف أي شيء") وهذه الطريقة التي طبقها ديكارت تسمح له بتأسيس علم الفلك ، والفيزياء الميكانيكية ، والبيولوجيا الميكانيكية ، وبالتالي تشكيل أسس المنهج العلمي الحديث ، كأسلوب عقلاني. انه كتاب الفلسفة التأسيسي ديكارت يكشف فيه عن الكوجيتو ، هذا المبدأ المشهور الذي يعني أنا أفكر إذن أنا موجود ، ثم يطرح أسبقية الذاتية على أي شيء آخر (الله على وجه الخصوص). العلوم، على منهج ديكارت الرياضي، مدينة له بشكل خاص.