الشاعر العراقي حسن البصام يتخذ من الاشياء أشياء القصيدة ويملؤها سحرا ، وهو الهائم مابين حسيته الداخلية وحسيته الخارجية ، لذلك ينتمي الى قصيدته الحداثوية وهو يعلن عنها من خلال المفردات التي يعتمدها ، فعوامل تحديث النص لدى الشاعر العراقي حسن البصام هو نصر الخيال لديه ومدى حراكه ضمن الحسية التي يرتديها في ذهنيته الشاعرية . والشيء الذي يلازم الشاعر حسن البصام انتباهه للعلاقة الضرورية بين التخيل أو التخييل والمعاني الحسية ، إذ يتوقف وجود أي منهما ـ في الشعر ـ على الآخر، وبالتالي يتوقف وجود الشعر على تحققهما معاً فيه . فالعلاقة بين التخييل والحسية علاقة ديمومة والإبحار في النصّ الشعري ، ومن خلال هذه الاستمرارية يستطيع أن يخرج خارج الذهنية ليلتقط الينا الحدث الشعري وتسخيره في عنصر الخيال .. فالتخييل هو مخاطبة لعناصر حسية تقع خارج الذهن ولكنها تتمثل فيه، إن (( التخييل تابع للحس وكل ما أدركته بغير الحس فإنما يرام تخييله بما يكون دليلاً على حالة من هيئات الأحوال المطيفة به واللازمة له، حيث تكون تلك الأحوال مما يحس ويشاهد الصورة الفنية، د. جابر عصفور )).
قراءة في رواية " عزلة صاخبة داخل ألبوم " للأديب عبد الحميد الغرباوي : تدوين خاص على هامش صور الألبوم ـ عبد المطلب عبد الهادي
" ... لن يغلِق الألبوم..." (ص 114)
لتستمر الحياة صورا تمنحنا المدى والحلم وكثيرا من الصخب الذي يؤثث الفضاءات والأحداث وتحرك جماد اللقطات، وتبعث الحياة في حياة حكمت عليها اللقطة أن تقف في لحظة.. في زمن.. في لقطة.. على يد ساحر ذكي، خبر مجاهل الألبوم وأسرار صوره، يلتقط اللحظة بعين محترفة، فتوقظها وتنشطها.. وتبعث الدفء في ثناياها المحكومة بالتوقف بعدسة تثقن وقف الزمن وتجميده في رمشة.. في لحظة..
"للصورة ذاكرة تحتاج يد ساحر ليوقظها، ينشطها، يزرع فيها نسغ الحياة لتتحرك وتستدعينا إلى ماضيها، إلى زمنها لنعيش مع أبطالها، من جديد، لحظات صاخبة.."(ص 113)..
جميل ما يصنعه هذا الساحر حين يحيل الصمت صخبا.. والسكون حياة ولغة.. هو من يستطيع بعث الصخب في العزلة، والحياة في الصورة الجامدة في الزمان والمكان والحدث، بل هو من يملك مفاتيح مغاليقها وأسرارها.. وهو من يستطيع تحويل السكون إلى صخب، والعزلة إلى حياة، حيث تتضارب الأحداث وتتناوش الإيقاعات والشخوص.. ليصبح الألبوم مسرحا يعج بالحياة والأسرار..
الجوائز الأدبيّة.. بين التمدّد والتعدّد والقبول والرفض ـ فتحي الحبّوبي
لئن تأخّرت مرحلة انتقال الحضارة العربيّة الإسلاميّة من ثقافة المشافهة إلى ثقافة التدوين، فإنّ ذلك لم يمنعها قطّ من أن تكون متميّزة حدّ التفرّد ومبدعة لا تجاريها أيّ من الحضارات الأخرى في مجال الإبداع الأدبي. ولذلك فإنّها قدّمت مساهمتها الثريّة في الحضارة الإنسانية في هذا المضمار بشهادة كبار أدباء الغرب من مثل، "فون غوته"* (Von Goethe) أمير الشعراء الألمان، وأحد أكبر أدباء الإنسانية المنفتحين على الثقافة العربية الإسلامية وعلى مُنجزها الأدبي بصفة مخصوصة، و " "ألكسندر بوشكين" ** (Alexandre Pouchkine) أكبر شعراء روسيا في القرن التّاسع عشر. أمّا اليوم، فالحال غير الحال.
فقد تراجعت، لا بل تهاوت حضارتنا العربيّة على كلّ الصعد وبلغت أدنى مستوياتها. إذ، ومنذ سنوات عديدة، لم يعد يذكر للعرب إبداع ذو قيمة عالميّة في مجال الآدب والثقافة والفنون إلّا في حالات نادرة بل ونادرة جدّا. إنّه توصيف مرير للواقع العربي الرّاهن، إنّه واقع بنكهة العلقم، بل إنّه واقع مؤلم حدّ الوجع لمن له صلة قريبة بمجال الإبداع أدبا وثقافة وفنّا. اللّافت في هذا الصدد أنّ العالم الغربي رغم تفوّقه إبداعيّا اليوم، في عالم الآداب و الفنون، فإنّه يسعى مع ذلك -ومنذ بواكير القرن الماضي- إلى تحفيز المبدعين لمزيد الخلق والإبداع. فيحتفي بهم وبإبداعاتهم عبر منح مجموعة من الجوائز الأدبيّة القيّمة لمن يستحقّها من المتميّزين منهم تقديرا لأعمالهم ذات الألق الإبداعي والتفرّد الواضح في أيّ من مجالات الإبداع الادبي كالرواية والشعر بصنوفه والمسرحيّة و القصّة والأقصوصة وحتّى المقالة الصحفيّة ونحوها. لذلك تعدّدت الجوائز على امتداد المجتمعات الغربية حيث اشتهرت منها على وجه مخصوص جائزة بوليتزر (Pulitzer Prize)في الولايات المتحدة وجائزة البوكر ( (Man Booker Prize) في بريطانيا وجائزة غونكور ((Prix Goncourt في فرنسا وجائزة كومبيللو ((Prix Campiello في إيطاليا وجائزة جورج بوشنر ( Georg-Büchner-Preis) في ألمانيا وجائزة سيرفانتس Prix ( (Cervantes في إسبانيا.
الصور الشعرية والعلاقات التركيبية عند عمرو النامي في قصيدة ( يا رسول الله ) ـ د . عبد الجليل غزالة
عتبات الدراسة
ما علاقة الصور الشعرية بالرؤية ، والرؤيا في قصيدة ( يا رسول الله ) ، التي أنتجها المفكر الإسلامي الليبي عمرو النامي ؟ كيف يتم إدراج بعض الإيحاءات الإسلامية بين طيات هذا العمل ؟ ما الرابط بين الصور الشعرية ، والحالة النفسية للمبدع ، وأفكاره الوجودية ، وقضايا جيله من المنظور النفسي ؟ ما أهم مميزات البناء الفني لهذه الصور ؟ كيف يستغل الناظم أنواع التقابل ، والتكرار لبناء التشبيهات البلاغية ؟ هل يمكن رسم الحقل الدلالي لمفهوم ( الفيض ) ، ومفهوم ( الشوق ) الموظفين في هذا الإنتاج الأدبي ؟ ما أنواع الاستعارات ، التي يستعملها الشاعر ؟ ما علاقة الصور الرمزية بالانزياح ؟ ما أنواع العلاقات التركيبية ، التي تسيطر على أبيات القصيدة ؟
الصور والرؤى الشعرية في قصيدة ( يا رسول الله )
أولا ) الصور الشعرية :
يعتمد تشكيل هذه الصور في القصيدة على العلاقات التركيبية المتنوعة ، الموجودة بين البنى العميقة / المقدرة deep structures )) ، والبنى السطحية /
الظاهرة ( ( Surface Structures( 1 ) ، والدلالة ، ومرجعية هذا الإبداع الشعري ، ومقاصده . يتم إدراك الصور الشعرية بشكل كلي يساهم في تحديد جماليتها ، وطبيعتها الفنية ، وقضاياها المتنوعة ، التي يترجمها نسق الدوال ، والمدلولات المستعملة .
ترتكز الصور الشعرية عند عمرو النامي على عدة أدوات فنية متداخلة ، ومترابطة تستند إلى خبرات ذات طبيعة حسية ، ونفسية ، وخيالية تظهر بسيطة ، أو مركبة عند ارتباطها بدلالة القريض( 2 ) .
الشعر والمخزون الأثري ـ طارق العمراوي
إن ما خلفته الحضارات الغابرة من فنون مختلفة انطلاقا من الآنية الفخارية وصولا إلى الشواهد المعمارية التي مازالت تزامننا حتى الآن يمثل في جوهره حلقة من حلقات تطور الإنسانية منذ عصر المغارات وما قبله إلى يومنا هذا وقد وقع التدليل على هذه الفترات بمجموع اللقى المتناثرة هنا وهناك ثم جاءت النصوص بعد ذلك لتصف الإبداعات وتؤرخ لها وقد احتجنا العودة إلى هذه النصوص لما تمثله من ثقل معرفي ـ معلوماتي في غياب اللقى الأثرية أولا أما ثانيا فنحتاج النص المكتوب لكي نشكل تاريخ البشرية اجتماعا، صناعة فحضارة ومن ضمن هذه النصوص كتب التاريخ ، نصوص الملاحم والأساطير التي كتبت بالمحاولات الأولى للرسم والكتابة كالمسمارية التي خلفت لنا ملحمة جلجامش، الهيروغليفية المصرية المرسومة على جدران المعابد أو على ورق البردى وهاهو الشعر العربي إلى جانب جماليته وتدوينه لنمط حياة العرب خلف لنا نصوصا تعد وصفا دقيقا للمعالم الفنية القائمة من ذلك وصف التحف فخارية كانت أو زجاجية أوستائر قصور أو وصفا لخيام العرب الرحل أو خيام الأمراء.
فهذا أبو نواس يتفنن في وصف الخمرة والخمار والجارية ولكنه لا يبخل علينا بوصف الآنية التي يسقي فيها خمرته وما رسم عليها من صورالفوارس وخيولهم إذ يقول :
أغمام ما يدريك ما أفعالنـــا
والخيل تحت النقـع كالأشبــاح
تطفو وترسب في الدماء كأنها
صور الفوارس في كؤوس الراح
وسائل الإقناع الحجاجي بين المتكلم و المخاطب: نحو مكون سيكو بلاغي ( 1) ـ د. عبد الجليل غزالة
مقدمة
يَمْلِكُ المخاطب مثل جميع الناس عقلاً يكون مزوَّدًا بالمعتقدات الاتفاقية ، والمفاهيم ، والأفكار ، والتصورات التي تفرضها عليه تربيته ووراثته ، فيقبلها دون أي تعليق أو إبداء أي رأي يذكر . إنه يكتسب هذه الأمور السابقة بمحض الصدفة من أسرته ، ووسطه الاجتماعي ، وحزبه ، وزملائه ، وجيرانه ، مع العلم بأنه لم يسبقْ له أن دقق في هذا الموضوع أبدا .
لاَ يَجِبُ أن يوحي المتكلم لمخاطبه بأنه يشبه رجلا آليا لا يملك نسقا سيكو خطابيا psycho_duscursive خاصا ، لأنه سيغضب ويتدمر . يزعم هذا الشخص أن الآخرين هم مجرد دمى أو مجموعة من المتذبذبين الذين يتم حشو أدمغتهم بالمفاهيم ، والأفكار ، والتصورات المتضاربة ، مما يجعله يظن أنه الشخص الوحيد الذي يملك عقلا نيِّرًا ومتحررا من كل الأحكام السابقة . لذلك تجده يكثر من التصريحات الخاصة بهذا الموضوع ولا فائدة من معارضته .
بَيْدَ أنَّ دور المتكلم المُقْنِعٍ persuasive يكمن غالبا في تقويض أي حكم عبثي سابق لكن هذا الأمر لا يعد هينا ، لأنه ليس هناك شيء أكثر صلابة واستقرارا في عقل شخص معين من فكرة يصر باستمرار على صحتها ، ولا يرتاب أبدا في ضعفها. يمثل هذا الإصرار قسما مهما من قواعده العقلية .
الشّعر والسّحر، أو ميتافيزيقيا الشّعر ـ رشيد محرز
سنبحث في السّحر بدءا من المادّة المعجميّة ثمّ محموله الاصطلاحي حتّى نقف على أهمّ خصائصه ووظائفه، وذلك في إطار دائرة علائقيّة ركناها الأساسيّان النّبوّة والشّعر.
ولمّا كان أصل اهتمامنا هو الحداثة الرّومنطيقيّة، فإنّنا سنحاول تفسير انعطافة الخطاب الرّومنطيقي نحو الخطاب السّحري، وجدواها في مستوى الحضور في العالم وفي مستوى بناء الملفوظ الشّعري إن وُجدت.
لقد ورد في اللّسان« وأصل السّحر صرف الشّيء عن حقيقته إلى غيره فكأنّ السّاحر لمّا أرى الباطل في صورة الحقّ وخيّل الشّيء على غير حقيقته، قد سحر الشّيء عن وجهه أي صرفه»[1]، فالسّحر– من خلال هذا التّعريف المعجمي- قدرة على المناورة والمداورة وشذوذ عن نهج المباشرتيّة، وعليه تتجلّى إحدى أبرز سمات هذا الخطاب وهي سمة الإلماح والإيحاء في مقابل الإيضاح والإيصال. ويمتنع إذّاك عن تأدية الوظيفة الإبلاغيّة أو الإفهاميّة ليستحيل ناهضا بوظيفة تأثيريّة تنقل متلقّي فعل السّحر من حالة إلى أخرى، أو من وضع مكين إلى وضع طارئ فـ« نفوس السّحرة لها خاصّية التّأثير في الأكوان واستجلاب روحانيّة الكواكب، للتّصرّف فيها، والتّأثير بقوّة نفسانيّة أو شيطانيّة »[2]. فالخطاب السّحري ليس سليل عالم منظّم بمقاييس العقل ووفقا لإواليّات المنطق، وإنّما وليد عوالم سديميّة مدارها الانفعالات والأهواء والنّوازع المكتومة عرفا، وتلك السّديميّة الأنطولوجيّة سيقع إخراجها إشاريّا (مشهديّا) بكيفيّة لا تضمن التّواصل الإشاري، ولغويّا على أساس إرباك العلاقات العموديّة والأفقيّة القائمة على التّواطؤ وإحلال منتوج لغوي شاذّ في تركيبة دوالّه، غامض في ناتجه المدلولي، وبتعبيرة أخرى« يصحب هذا العمل كلام مفهوم وغير مفهوم ورسومات وإشارات لتسخير الأرواح، وإنّ ما يفعله مفهوم عند جنوده، وهم الجنّ والشّياطين »[3] فعلى على غرار النّبيّ الّذي يتقدّم عارفا بالغيب، محدّثا بأسراره، بإيعاز من قوى علويّة، يتبدّى السّاحر منتهكا للمحظور بسند من أعوان ماورائيّة تجسّر له اجتراح المعجزات، وإتيان الفعل الخارق. ولعلّ ذلك هو السّبب في إدراج كلّ من الفعل السّحري والنّبوي تحت عنوان الأسراريّة، إذ أنّ « العلوم الخفيّة التّقليديّة هي السّحر magie، القبالة kabbale، التّنجيم astrologie، الخيمياء، العلوم التّنبؤيّة »[4].
الدرس النقدي بين التحليل والتحويل ـ عبد النبي غزال
يواصل مختبر السرديات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء فعله الثقافي الجاد لتعميق النقاش حول الإبداع والنقد العربيين. إذ نظم بتنسيق مع مختبر اللغة العربية وتحليل الخطاب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، ونادي القلم المغربي لقاءً نقديا حول التجربة النقدية للناقد المغربي عبد الرحمان غانمي من خلال مؤلفه النقدي " الخطاب الروائي العربي :مقاربة سوسيو– لسانية"، الصادر مؤخرا عن الهيأة العامة المصرية للكتاب بالقاهرة ،ضمن سلسلة «كتابات نقدية» في مجلدين كبيرين،(كل مجلد يشتمل على 500 صفحة). وذلك يوم الجمعة 18 مارس 2015 ابتداءً من الساعة التاسعة والنصف صباحا بقاعة الندوات عبد الواحد خيري، بنفس الكلية. والتي غصت بجمهور من الطلبة الباحثين في مسلك الإجازة وفي مسلك الماستر، بالطلبة وبمسلك الدكتوراه وباحثين من آداب عين الشق والمحمدية ومن جامعة محمد الخامس بالرباط وعبد الملك السعدي بتطوان. إضافة إلى ثلة من الأساتذة الجامعيين والمبدعين والنقاد من جامعات أخرى.