مقدمة :
تتنوع تقنيات السرد النسوي ( اللغة ، الموضوعات ، الشخصيات ، الفضاء الزمكاني ، سمات الساردة ، رؤية الكاتبة ...) عند المبدعات المعاصرات في دولة الإمارات تبعا لتنوع أجناس الأعمال الفكرية التي يمارسن الكتابة فيها ( الرواية ، القصة ، الشعر ، الأسطورة ، الحكاية ، المقالة ، المسرح ...) . إنهن يوظفن خصائص جمالية ، وفكرية ، وتداولية pragmatics متفاوتة لإبراز قدراتهن الإبداعية .
مراحل وسمات السرديات النسوية في الإمارات :
راجت تقنيات السرد النسوي المتنوع الأنماط في الإمارات إبان ثمانينيات القرن المنصرم ، حيث تدرجت عبر مراحل متعاقبة على مستوى الموضوعات والسمات الخاصة :
1 _ تقنيات سرد الصحراء والماء .
2 _ تقنيات سرد المدينة المعاصرة والحداثة .
3 _ تقنيات سرد الذات الفردية والهوية الإماراتية .
4 _ تقنيات سرد الموضوعات التاريخية والتراثية والاجتماعية والواقعية .
5 _ تقنيات سرد الصراعات والتحديات ومثاقفة الآخر .
لقد سعت هذه التقنيات السردية إلى معالجة قضايا المجتمع المحلي ، والظلم ، والتسلط ، والبحث عن الآخر ، وبوح الذات والجسد عند المرأة ، ومواجهة الرجل ، وهو ما جعلها تشكل خطابا فكريا نسويا متميزا استفاد كثيرا من تقنيات السرد الغربي التي اشتهرت في مرحلة الحداثة وما بعد الحداثة ، مثلما نجد عند لاكان ودريدا وغيرهما .
تتميز تقنيات السرد النسوي المعاصر في الإمارات بسيطرة السمات التالية :
القصة القصيرة المغربية من النشأة إلى التفرد حتى بصمة المؤنث ـ د. عبد النور ادريس
مقدمة:
عندما تبني القصة القصيرة عالمها المعتمد على الأحداث الإنسانية وهي متباينة في عيشها وتصرفاتها الحياتية، تجعل من المجتمع موضوعا للتشريح والفهم، وذلك بالتعرض لشريحة أو موقف من الحياة، وهذا الإعتماد يرتكز على الإيحاء ويفتح التأويل على مصراعيه في اتجاه عالم الصور التي يبرزها القاص والقاصة، مبينا قسماتها من خلال الحكي. ولعل الإنتظام السردي الذي يؤطر الأحداث والشخصيات وتفاعلهما هو ما يؤكده العمل الإبداعي القصصي الذي يمتاز بنقل المتلقي المحايد إلى متلقي متورط بالمنطق الذي تحياه القصة، وتجعله مستسلما لصدق التفاعل الذي يحدث بين الشخصيات والحوادث على مستوى المتخيل، وإمكانية حدوث مثل هذه التفاعلات في الحياة الواقعية، وذلك باعتماد القاص(ة) على مبدأ الإختيار في رسم الصورة الحية لشخصياته النابضة بالحياة، وبذلك تكون القصة القصيرة صياغة معرفية لأسئلة كبيرة ضمن المستحيل الممكن، وتقدم الأسئلة ذاتها كإجابة عن هذه التساؤلات.
إن القصة النسائية وما تحتويه من خصائص مميزة، تترك أثرا في وجدان المتلقي والمتلقية بما يحتوي امتيازها على التطرق لحقول خصّها النسق الثقافي بالايجابية والعقلانية والخلق الفني بما هي من صميم تجربة الذكور، فتمكنت القصة النسائية من تفجير الواقع وترتيبه من جديد، فأصبح رافدا لاغنى عنه للتخييل والحلم وتفكيك المقولات والمفاهيم النقدية التقليدية التي تنحاز لجنس الذكر ومعرفة الكيفية التي تهمَّش بها المرأة ثقافيا على أساس الاختلاف البيولوجي.
نحو سيميائيات المسرح الخليجي المعاصر ـ أ . د . عبد الجليل غزالة
أوليات الموضوع :
تُوَظِّفُ فئةٌ قليلة من الكتَّاب ، والمخرجين ، والنقاد ، والباحثين الأكاديميين ، والمفكرين الراسخين في العلم داخل بلدان الخليج العربي مصطلحات ، وتصورات ، ومعجمات نقدية جديدة تتعلق بمجالات السرد المسرحي ، سيميائيات السرد المسرحي ، نحو النص المسرحي ، لسانيات النص المسرحي ... أما فئة كبيرة منهم فتوظف مفاهيم ، ومصطلحات ، وطرائق النقد الانطباعي المستهلك ، الذي أصبح لا يصلح لمباهاة الأمم الأخرى ، و(( تصدير )) منهجية تداولية pragmatic ، أو استشرا ف (( نظرية )) نقدية ، عربية ، ملتزمة تكون رائدة في هذا المجال .
تَرْتكزُ المعجماتُ lexicons النَّقدية الجديدة ، التي توظفها الفئة القليلة المذكورة على مسلَّمات ، وأطر نظرية وعملية راجت في بعض البلدان الغربية منذ سبعينيات القرن المنصرم.
تُسَاهِمُ هذِه المجالاتُ النقدية الجديدة في إثراء التجربة المسرحية الخليجية المعاصرة ، وتوسع نطاق الفهم بالنسبة لآليات اشتغال النصوص الدرامية ، كما أنها تطور الممارسة العلمية ، الهادفة ، وتعالج تراثا ثقافيا هائلا ، وهو ما يؤدى إلى تنوع الإنجازات الدرامية في المنطقة .
مَازالتْ كَمِيَّةٌ من هذه الأعمال المسرحية انطباعية ، ويسيرة ، أو متناثرة ، ومختصرة جدا، رغم دورها العلمي والتربوي الفعال بالنسبة للمُشاهد العربي . إنها تمثل إنجازات فكرية مهمة ، تعتمد على أسس ابستمولوجية ، تساهم في تقديم تصور معين عن العالم ، والإنسان في منطقة الخليج العربي ، كما أنها تحدد بشكل واضح قضايا المجتمع المحلي ، وهو ما يساعد المُشاهد على إدراك إنتاجها النظري والعملي ، ومعرفة زيف بعض الأيديولوجيات المتحذلقة ، أو المتشدقة ، والمترفة ...
يُحَقِّقُ اِسْتغْلالُ سيميائيات المسرح الخليجي المعاصر مردودا متميزا ، يساير سياقات النصوص ، ويربط بين الجانب المجرد ، والجانب المتحقق بالنسبة لهذه المنهجيات . تنبع هذه السِّيميائيات من نظريَّة درامية متَّسقة ، لكنها قد لا تضبط أحيانا وبشكل علمي دقيق بعض المظاهر الأساسية ، التي تساهم في بناء العمل الدرامي الخليجي :
1 _ نَحوُ النَّصِّ المسرحي theatrical text grammar المُطَّرِد ، الذي يجب إتباعه ، والاحتكام إليه عند حدوث أي تعارض .
2 _ صِياغةُ الهدفِ بشكل محدد ، وتحديد العلاقات بين النص المكتوب ، وطريقة تمثيله على الخشبة .
3 _ تَعْميمُ اْلمفاهيمِ والمبادئ الموظفة ، وتمحيصها .
4 _ كَيْفيةُ التَّعاملِ مع المنهجيات غير التاريخية .
5 _ تَجاوزُ تحديداتِ المدرسة البنيوية في هذا المجال .
6 _ تَعميقُ البُنى التركيبية ، والدلالية على مستوى النص ، والتداول .
تَطْرَحُ هذِه السِّيميائياتُ مشكلة علاقات الترابط ، والخضوع الموجودة بين النَّص ، وطريقة تمثيله على الخشبة . إنها تركز على الهدف المتحقق من وراء العمل أثناء تعقُّبها لمختلف الرموز ، والوحدات ، والروابط الدرامية بغية تحديد المعنى المراد من خلال النص المكتوب ، وتمثيله أمام المشاهد الحاضر.
تَهْدِفُ سيميائياتُ المسرح الخليجي إلى ضبط :
أ _ أنواعِ وأبعادِ العلامات الموظَّفة في النص .
ب _ دورِ العناصرِ المُساهمة في تشكيل المعنى الدرامي .
ت _ نتائجِ عمليةِ الاتِّصال الدرامي ( الوحدات والطبقات التركيبية ، القيم الدلالية بمعانيها اللغوية ، والأدبية ، والمشهدية ، والتداولية ، العلاقات بين النص والمساهمين في بنائه ، الأنظمة الثقافية : الدين ، العلوم ، الفنون ... ) .
ث _ علاقةِ الإبداعِ المسرحي بعملية التلقي ، والجمهور .
ج _ المواقعِ والرُّتب المختلفة بين الوحدات ، والطبقات الدرامية .
ح _ الفضاءِ والزمن .
خ _ ثنائيةِ : النصُّ / العرضُ .
تُعَالِجُ سيميائياتُ المسرحِ أحيانا مستويات التحليل اللساني كالتركيب والدلالة ، والتداول pragmatic ، وبعض المخططات التي نجدها عند الكاتب البولندي اللامع kowzan T. ، حيث تتم دراسة العلامات المسيطرة على النص المسرحي . نجد أيضا دراسات أخرى تتعلق بوظائف الشخصيات ، وحواراتها المتنوعة .
يَقُومُ المسرحُ الخليجيُّ المعاصر على أعمال أدبية مكتوبة ، تنجز قصد التمثيل أمام جمهور يشاهدها بكل تأثيراتها ، ومقاصدها ، وهو ما يشكل ظاهرة مشهدية متميزة . تخلق هذه الأعمال الدرامية علاقات متنوعة بين النصوص المكتوبة ، وطرائق عرضها على الخشبة . إنها تتميز بطرائق التعبير الواضحة ، وتوزيع المادة ، ووحدات البناء ، ووسائل خلق المعاني ، والبعد السيميائي ، وتنسيق الحوارات المباشرة ، المتكررة ( حوار أيقوني ، حوار أسطوري ، حوار مونولوجي ) ، وعناصر الخطاب ، الحواشي المونولوجية للكاتب ...
تَتَشَكَّلُ هذِه الأعمالُ من خلال أ فعال وحركات الشخصيات الحية ، وحواراتها المرتبطة بحيز زمكاني فعلي ، يكون حاضرا ماديا وأنثروبولوجيا .
يُرَكِّزُ الكُتَّابُ المسرحيون في دول الخليج العربي على الهدف ، الذي يرسمونه سلفا لأعمالهم ، إذ يحددون الفضاءات الزمكانية ، والشخصيات بكل أفعالها وحركاتها المباشرة ، كما أنهم يشيدون البناء التصوري لعملية التلقي والفرجة بكل تقاليدها ، وعناصرها المعروفة . يمنح هؤلاء الكتاب الشخصيات حرية الكلام ، والحوار أمام الجمهور الحاضر ، وهو ما يجسد عملية اتصال بارزة بين الطرفين .
يَنْطَلِقُ كلُّ عملٍ مسرحي من خلال عملية اتصال تتطور أثناء العرض ، الذي يتحد جوهريا مع الخطاب الدرامي ، وهو ما يربط بشكل فني مفتوح بين الكاتب ، والمخرج ، والجمهور . يرتبط هذا العمل بطريقة تكوينه ، وصيغته ، ومعانيه ، وخصائصه الاتصالية ، ودوره الاجتماعي .
تحميل بقية المقال
الزمكان الاسطوري في رواية عين الفرس للميلودي شغموم ـ عبد الحكيم جابري
رغم ما عرفته الدراسات السردية من تطور ملحوظ في العقود الأخيرة من الدراسة والتمحيص فكل اهتم من جانبه بها ،إلا أنه تم إغفال - إلى حد ما - مكونين أساسيين من مكونات أي خطاب سردي ،والإغفال هنا لا نقصد به الإقصاء التام، وإنما التهميش على حساب عناصر سردية أخرى كالشخصيات والأحداث ،فقد تم تهميش عنصري الزمان والمكان بشكل كبير .
ولا نتوخى من دراستنا هذه الفصل بينهما ،وإنما الدمج إن صح التعبير، ومن ثمة اخترنا على غرار ما ذهب إليه ميخائيل باختين مصطلح الزمكان الذي يقول عنه :"ما يحدث في الزمكان الفني الأدبي، هو انصهار علاقات المكان والزمان في كل واحد مدرك ومشخص. الزمان هنا يتكثف ،يتراص ،يصبح شيئا فنيا مرئيا ،والمكان أيضا يتكثف..."(1). ولنحدد مجال الدراسة أكثر،سنربط هذا المصطلح بمصطلح آخرهو الأسطورة ،فالأسطورة هي أيضا خطاب سردي غير محددة الزمان أو المكان، أو لربما قد يحددا لكن بزمان ومكان متغيرين ، ومن ثمة يتحول الزمان والمكان فيهما إلى عنصرين رمزيين لا أكثر.
وتعتبر رواية عين الفرس للكاتب المغربي الميلودي شغموم،فضاء خصبا لاشتغال الزمكان الأسطوري، فهي رواية مليئة بكل ما هو أسطوري ،وبالتالي أمكننا إدخالها في خانة الروايات الفانطاستيكية .صدرت عين الفرس عن دار النشر الأمان عام 1988، قسمها الكاتب إلى قسمين رئيسين، عنون الأول ب"رأس الحكاية"،والثاني ب"الذيل والتكملة" وقسم كل واحد منهما إلى ثلاثة فصول ،عنون كل فصل بحرف عند جمعها تكون كلمة (عين) الفصل الأول (ع) الفصل الثاني (ي) الفصل الثالث (ن) .
البحث المعجمي في كتب السير والأعلام ـ عبد الجليل غزالة
فرضيات الموضوع : هل استخدم الباحث السوري ؛ فارس أحمد العلاوي منهجية معجمية واضحة لمعالجة موضوع كتابه ( أعلام من عمان) ؟ ما وجوه الالتقاء والاختلاف بين المفاهيم : ( ترجمة ) , ( سيرة ذاتية ) و( بيوغرافيا ) عند هذا الكاتب ؟ ما الموضوعات المعجمية التي أثارها , أثناء استشهاده بمتون بعض الأعلام العمانيين الذين درسهم ؟ هل يمكن لهده المتون استشراف دراسات معجمية جديدة (( استفزازية )) تفيد البحث الأكاديمي في سلطنة عمان ، وتخلخل بعض معارفنا البالية ، وتطرح موضوعات (( تنموية )) جديدة ؟ .
نظرة تاريخية : يضعنا فارس أحمد العلاوي , مند البداية , في صلب مقدمة مكتنزة (( تجول )) بين أنواع المصنفات والكتب العربية الموجودة في مجال السير والتراجم الشخصية . يتعرض بإيجاز إلى :
1 - كتب الطبقات .
2 - كتب السير والتراجم العامة .
3 - كتب سير وتراجم أعلام المدن والبلدان .
4 - كتب سير وتراجم أعلام متوفين خلال حقبة معينة .
5 - كتب سير وتراجم أعلام عاصرهم المؤلف.
6 - كتب المشيخات (1) .
7- كتب سير الملوك والأمراء .
يقدم المؤلف في هذا الصدد معلومات قيمة ومتنوعة تنم عن إطلاعه وجهده الكبير الذي بذله في سبيل الحصول على مادة الكتابة . يضاف إلى هذا معرفته الخاصة بالثقافة والفكر الرائجين بسلطنة عمان , من خلال كتاباته السابقة ببعض صحفها واحتكاكه بمفكريها (2) .
الأعلام المترجمون : يستعمل فارس أحمد العلاوي كلمة ( ترجمة ) أو ( سيرة ذاتية ) في كتابة المعجمي كمرادف لكلمة ( بيوغرافيا ) (biography) . والحقيقة أن الأصول التاريخية (etymology) وتقاليد المعجم العربي تجعل كلمة (معجم) أكثر ملاءمة لعنوان الكتاب ، فكلما كان الترتيب الهجائي اللساني هو المسيطر في هذا الإطار كلما كان العمل معجميا صرفا ومتميزا . إن الكتب الخاصة بمعجم الأعلام كثيرة في البلاد العربية قديما وحديثا ، وهي التي تؤيد ما ذهبنا إليه.
قراءة في ديوان "أبابيل الصمت "لزوليخة موساوي الأخضري ـ مالكة عسال
مقدمة
يقول إدوارد لورانسو :
"وبالفعل نشأت القصيدة بما هي نشيد بالمعنى الحقيقي والأصلي للكلمة يأتينا من الأعلى "
فهو لا يقصد بالكلمة الحديث المباشر لقتل جراد الوقت ،أو لطرد أطياف الملل بغية التسلية ،وإنما الكلام / الشعر في عباءته اللغوية الجسيمة ،المتمنطقة بالتموجات المتواترة التي تضطلع بالتجديد والخلق ،بما هي مجبولة به من كنايات استعارتية ومجازية ، تؤسس لدلالات واسعة دون تعقيد في الأسلوب ، مستثمرة اللحظات الشعرية بإيقاعاتها الزمانية والمكانية وموضوعاتها المتنوعة ،لتخلق سبائك مرصعة بمظان شفافية ،تساهم في التبئير الشعري ، وتعميق دلالته ..من خلال ما تقدم يبدو أن الشاعرة استوعبت معنى الكلمة في حجمها المطلق واللامنتهي، ورأت أنه يجب منحها مساحة من الحرية خارج النطاق ، لتطهر نفسها المكتوية من الداخل ..وبما أن الكلمة هي البلسم الشافي لداء تمزق الذات الشاعرة ،وإعادة الترميم النفسي ، فقد تكررت أكثر من 14 مرة في القصائد ناهيك عن المفردات التي تقاربها /كالصهيل / العويل / النداء / البوح / وما إلى ذلك ..
محمد صالح رجب وكتابة المسكوت عنه .. في مجموعته القصصية " ضد الكسر" ـ رؤية نقدية : سمير الفيل
مدخل : مفهومي للقصة القصيرة :
أريد في هذه المقدمة ان أقدم للقاريء مفهومي للقصة القصيرة . حسب اجتهادي أرى أن القصة القصيرة تلتقط واقعة أو حادثة أو موقفا محددا ، فتبني حوله صراعا ما. تبسطه عبر لغة متماسكة ، بحيث تتمكن الشخصيات من التحرك بقوة وإيجابية لتطرح خطابا ناصعا يحمل وجهة نظر محددة ، لا مراوغة فيها .
كل قصة قصيرة ناجحة تتضمن تبني موقف محدد من الحياة عبر حدوتة أو حكاية او مشهد أو واقعة باستخدام لغة معبرة ، مع فهم الشخصيات التي تنهض لحفر الصراع المحتدم وصولا إلى نهاية محددة أو مفتوحة حسب اجتهاد الكاتب المشغول دائما بتتبع مصائر الشخصيات التي يستحضرها على رقعة الورق .
يشترط أن تكون القصة القصيرة ، ذات إيقاع متناغم ، ورؤية محددة ، وخطاب سردي واضح . قد نميل إلى أن يصنع النص القصصي دائرة تتسع رويدا رويدا لرصد حركة الشخصيات مع وجود حبكة ، ولحظة تنوير ، وخاتمة .
ربما أمكن الاستغناء عن بعض العناصر دون الأخرى فالحدث أمر أساسي ، والمكان يسهم في أن يكون النص واضحا ثم أن الزمن يحضر ليمكن ترتيب الاحداث بشكل طيع وفعال . ولكل كاتب طريقته في تنضيد عناصره ووضع أولويته شريطة أن يشتغل على عناصره بعقل يقظ ، وقلب متلهف على تبيان الحقيقة .
هناك قصة الحدث وقصة الشخصية وقصة البورتريه وهكذا دواليك . بدون وضع حدود نهائية للأفكار أو الأشكال التي تتسع لها القصة القصيرة. هناك مثال مهم كنا نردده في بداياتنا ، وهو : " أن أشكال القصة القصيرة تتعدد بإسهامات الكتاب العظام فيها " . وهذا صحيح إلى حد كبير لكنني أشدد على وحدة الموضوع ، وقوة الأثر ، وبأهمية تلك الموسيقى التي تسري في النص فتشعر معها أنك في مواجهة عمل أدبي يقص عليك أكثر القصص بهجة أو حزنا .
المشهد الشعري وسيمياء اللغة في نصوص الشاعر العراقي سعد عودة ـ علاء حمد
أنهضُ من مكاني كي ألتقط للذهنية صورة جمالية تغذي ما أكتب اليه وعليه ، هكذا متراس هويتي الذهنية وأنا أشرب الشاي مع الشاعر العراقي سعد عودة ، فأنا الواقف وهو المسند للحروف التي يبثها من خلال قصيدة ، هنا الباث لايتلون في الرمال ، ولكي اقرأ مشهده الشعري ، عليّ أن انزل الى عبقريته التي يعتمدها في فنّ النظم ...الجمالية ليست حكرا على مكان ما ، وهي تنبع من مخيلة ضاحكة ، ضاحكة لان الحزن لايسترجع الذهنية التي ستنطق مابين الشطور ...
فتكمن جمالية الصورة في أنها تظهر الشيء من وجهة نظر خاصة وبأكثر الطرق تميزا وأيضا التصوير من جهة غير مألوفة للمتلقي إضافة إلى أن الأشياء غير الهامة تخفى كلها أو جزء منها ومن ثم تأكيد الأشياء الهامة، وهذا ما يسمى بزاوية التصوير فهذا التحديد نفسه يتيح الفرصة الفنية لجعل الحدث الخاص الجاري تصويره يؤدي إلى فكرة معينة باعتبارها وصفا سيكولوجيا للطريقة التي صور بها المنظر .. إن اختيار الزاوية تجعل الاخر ينتهي إلى رؤية الشيء المألوف وكأنه شيء غير مألوف، فإذا أحسن اختيار الزاوية فانه سيزيد اهتمام الاخر ، هذه كاميرا التصوير التي يعتمدها المصوّر بالتقاط صوره الجميلة .
أما الصور الشعرية الملتقطة فهي تصبّ أيضا من زوايا عديدة كي تنزل بمفردات شعرية تبقى معلّقة في المخيلة دون سقوطها ..