17 دجنبر
على الشريط أسفل الشاشة تتوالى الأخبار..لا جديد يذكر.. و مذيعة الجزيرة الإخبارية لا تتوانى عن إعطاءك جرعتك اليومية من الكآبة والتفصيل الممل والأسئلة التي تشبه أسئلة المحققين ..وحتى من الجمال الذي لا ينتبه له إلا من صم أذنيه عن أخبار القتل والتشريد والأزمات ونظر في عيني تلك المذيعة وجهها الذي يبعث على الارتياح..على الشريط تتوالى الأخبار المتنوعة لكنها تشترك في كونها أخبار غير مفرحة ، مما جعلني أتساءل هل العالم حقا استحال كومة كبيرة من الحزن والظلم والفساد..أم أن الجزيرة تهوى جمع القمامة وانتقاء أجود الأحزان وتعقيد الحياة عنوة..ها هو خبر آخر محزن جدا وغريب ومقزز " شاب تونسي يحرق نفسه تنديدا بما تعرض له من ظلم "..حينها تخيلت المنظر .. شخص باختياره يصب الزيت على نفسه ويشعل النار.. يا لجرأة الفكرة.. بماذا كان يفكر ساعتها ؟ أغلب ظن أنه مجنون أو شخص من أولائك الذين يهوون لعبة "المخاطرة".. ولو أن الخبر لم يعد في ذلك اليوم مرات كثيرة وعلى قنوات متعددة لكنت نسيته كما أنسى كل تلك الغرائب التي أشاهدها على اليوتوب ، والتي مهما شدتك وفاجأتك تنساها بمجرد انتهاءها وكأننا ما عدنا نستغرب شيئا في زمن الانترنيت.. حتى ولو كان الخبر يتعلق بإنسان أحرق نفسه.. لكن إعادة الخبر عدة مرات وهذه المرة مرفوقا بالصور جعلني اهتم وأبحث ..الأمر فعلا كبير خصوصا عندما تفجرت مظاهرات في سيدي بوزيد -المدينة التي شهدت الحدث- ثم عرفنا فيما بعد أن ذلك الشاب المحترق يدعى "محمد البوعزيزي"