ألم تر كيف فعل الشباب المصري الواعد برئيسه المخلوع ؟ ألم يجعل كيده في تضليل و جعله ، أمام العالم بأسره ، كعصف مأكول ، رهينة قفص حديدي هو و ابناه و ثلة من أعوانه ؟ رئيس استحق كل هذا الذي جرى له ، لأنه باع البلد و خان الأمانة و تحالف مع العدو و حاصر غزة الأبية وأهلها الشرفاء الطيبين . نعم ، لقد شاهدنا ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر : رئيس دولة عربي من العيار الثقيل في قفص الاتهام إ و عشنا ، بالفعل ، مع الحدث غير المسبوق في تاريخنا السياسي العربي و الإسلامي ، عرسا حقيقيا .
لقد أحدث , بفعل ذلك فينا ، هذا الشعب الشجاع ، هزة نفسية و في عقولنا ، عصفا ذهنيا خلخل كل ثوابتنا و أزاحها عن مركزها ، و تركنا نعيد النظر في مرجعياتنا و أسسنا المعرفية و السياسية . إنه شيء لا يصدق هذا الذي فعله هذا الشعب برئيسه السابق .. فما كان بالأمس القريب مستحيلا أصبح الآن ، شيئا ممكن الحدوث . لكن .. هذه هي الحقيقة و هذا هو الواقع ، و هذه هي قوانين التاريخ التي حاول هذا الرئيس المخلوع و باقي الحكام العرب إلغاءنا بقوة الحديد و النار.
و الآن ، و بعد أن هدأت النفوس و لم تنم على الجنب الذي يريحها بعد ، خوفا على مصير ثورتها ، و حتى لا نتمثل نحن ، هذه المحاكمة التاريخية و كأنها مسلسل عربي مشوق ، و تستبد بوجداننا الأشجان ، و تسيطر علينا تلك النشوة العابرة و تلك النزوة الرخيصة التي تخلقها فينا ، عادة ، فضائياتنا السمعية البصرية عند نهاية كل حلقة من حلقاته ، و في انتظار استكمال أطوار هذه المحاكمة و ما ستخفيه من مفاجئات ، يحق لنا أن نطرح على أنفسنا الأسئلة التالية ، نعتقد أن أجوبتها ستكون ، و لا شك ، مفيدة نستخلص منها العبر و الدروس و هي كالتالي :
مبادئ العمل السياسي في الاسلام ـ زهير الخويلدي
"اثنان من الناس اذا صلحا صلح الناس واذا فسدا فسد الناس، العلماء والأمراء"[1]
استهلال:
من شروط الاستئناف الحضاري حسب مالك بن نبي هو مطابقة التاريخ للمبدأ القرآني والعمل على جعل الرسالة المحمدية تجربة معاشة الآن وهنا وقيادة الثقافة العربية الاسلامية نحو حقيقتها المحتومة وحسن استثمار الانسان والأرض والزمان والكلام وتجهيز العدة الدائمة من العلم والوعي والقدرة وتوجيه الشعوب بالمزج بين المنظومة الأخلاقية والذوق الجماعي وذلك بالتحكم الصناعي والمنطق العملي.
لقد روي عن النبي محمد أنه قال:" بدئ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدئ فطوبى للغرباء، قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون عند فساد الناس". والمستصلح هو الفقيه الذي يحي ما أمات الناس بالعادة من العبادة وهو السياسي الذي جعل من أمور النزوع الى الابتداع شيئا عجابا.
في هذا السياق لا يمكن الحديث عن السياسة في الاسلام دون التطرق الى الفقه وباب سد الذرائع وتدبير الأحكام، فالفقه هو السياسة الشرعية والسياسة هي فقه المعاملات. واذا كان الفقه في اللغة هو عبارة عن فهم غرض المتكلم من كلامه وذلك بإصابة المعنى الخفي الذي يتعلق به الحكم والوقوف عليه فإنه في الاصطلاح هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية ويستنبط بالرأي والاجتهاد والنظر والتأمل.
من وحي الربيع العربي : تأملات في دلالة الحدث و رمزيته - محمد القرافلي*
من حظنا أن نعيش هذه اللحظة التاريخية الاستثنائية. لا أحد من أهل العلم، من علماء المستقبليات، أو من أهل الكشف والعرفان تصور أو خطر بباله أنه سيحدث ما حصل وبالكيفية التي حصل بها، ولا تخيل البعض شكل السيناريو الذي اتخذه ما حدث. شبهه البعض بزلزال إحدى عشر شتنبر ورأى فيه البعض الاخرمثالا للثورة الفرنسية واعتبره آخرون وجها بديلا للثورة الإسلامية الموعودة... وما الى ذلك. تعددت النعوت وتلونت التصنيفات وتضاربت التفسيرات. لكن كيف حصل ما حصل؟ ومن يجرؤ على فهم وتفسير ما حدث؟ من يدعي أنه يمتلك مفاتيح سرية ذلك الحدث ؟ أمن قدر العربي الشريد أن ينتظر لحظة رؤية الجسد المحترق وتزكم أنفه رائحة اللحم الآدمي المشوي حتى تستيقظ أدميته ويستنفر هممه للصراخ في وجه جلاده؟ ومصير جلاده ومطارده أن لا يكتفي بمص دمه ويستميت في إهانته بل يكشر عن أنيابه ويستنفر عتاده ليطارد ظله في السراديب ويقتفي آثره في فيافي التيه. قدر الضحية وأقنعتها، الضحية الذي استطاب عبوديته الطوعية واستكان لخدمة المحراب يقدم طقوس الولاء والطاعة ولو سولت له نفسه يوما التمرد فإن سدنة المعبد يتربصون حركاته وسكناته ويتفننون في سياسة ترويضه ورده إلى موطنه الأصلي ترغيبا وترهيبا و تأديبا. فهل من سبيل لفك رباط هذا العقد الأزلي؟ وهل في إمكان ما حدث أن يخلخل بنية ذلك العقد؟ يحتاج المرء أمام حدث من هذا القبيل إتقان فن الإصغاء والتروي للظفر بوميض يسمح باقتحام عالمه المجهول و باكتشاف خصوصيته.
متابعة كتاب "الثورة العربية وارادة الحياة، قراءة فلسفية" لزهير الخويلدي
"ان نجاح الثورة يعني أن النظام السياسي الذي كان موجودا فقد كل معقولية وأصبح أمرا لا يطاق بالنسبة الى الجيل الجديد وأن معقولية أخرى بصدد التشكل وأن الفئة الشابة هي وقودها المركزي ومنارتها البارزة"[1]
صدر عن "الدار التونسية للكتاب" مؤلفا جديدا للأستاذ زهير الخويلدي عنوانه: "الثورة العربية وارادة الحياة، مقاربة فلسفية" يعبر فيه عما جال بفكره من دروس أثناء ثورة شباب الكرامة وعما يتطلع اليه من انتظارات وقد أهداه الى كل من علمه الفعل الثوري وجعله يطلب الحق ويعمل به والى كل الشباب العربي الثائر الذين سعوا الى تخليص الشعب من التبعية والارتداد والشمولية .
" لقد مثلت الثورة العربية واقعة هبطت بردا وسلاما على المظلومين والمضطهدين وثبتت عزائمهم وأثلجت صدورهم... ولكنها نزلت نارا وجحيما على الظالمين والفاسدين وزلزلت القصور والعروش."[2]
رؤية علائقية للوضع العربي - غسان الكشوري
كثيرة هي التساؤلات حول الوضع الحالي في الوطن العربي، وكثيرة هي التداخلات والمتشابكات داخل حقل الخصوصيات الجغرافية والسياسية، وكذلك التاريخية في شكلها الخاص. لكن وبما أن الواقع يتكلم بلسان حاله، فلا يمكننا إلا أن نستمع ونصغي إلى كل كلمة تقولها أيامه. فما يحدث وما سيحدث يعد منعطفا تاريخيا في الجغرافيا السياسية، إن لم نقل الإنسانية... فالعالم العربي اليوم يعيد صياغة أنظمته من داخل نسقه الشمولي، ويصلح تركيبته انطلاقا من الامتداد الأفقي الجزئي لتشمل بناءه العمودي الشمولي. مما يساعده ذلك في انتشار عدوى التغيير وكذلك الرغبة في تبني الإصلاح.
نجد أمامنا عدة محددات منها التاريخية والنفسية والسوسيو-اقتصادية... بفروعها وبتداخل مقومات الأثر والمسبب فيها بغية الارتكاز على الشكل البانورامي لصياغة الأحداث داخل نطاقها الزمني. أي أننا لا نتقيد بالحاضر فقط، بل إننا نرتهن في ذلك إلى ثلاثية الماضي-الحاضر-المستقبل. لكن ونحن على عتبات التغيير،لابد لنا من نسأل عن محركات هذه الهبات الشعبية الراهنة وعن جوهر هذا الحَـراك الاجتماعي والسياسي في الوقت الذي تتضارب فيه آراء القريب والبعيد حول هذا الحدث. فهل يمكن اعتبار هذه الهبات الشعبية الراهنة امتداد مرحلي لأحد المشاريع الفكرية ؟ أم انها شكل متجدد لمفهوم إعادة البناء من داخل النظم القائمة ؟ أم أن كل ذلك لا يمت بصلة بأي مشروع في شكله التنظيمي السياسي ، وإنما هو خليط منظومة من الأفكار؟
الاستغلال السياسي للجانحين - عبد الواحد الحمداني
يقول مشيل فوكو في كتابه المراقبة و المعاقبة : " الجنوح وسيلة للاشرعية تتطلبها ممارسة السلطة بالذات، فان الاستخدام السياسي للجانحين بشكل مخبرين و محرضين كان واقعا قائما حتى قبل القرن 19، ولكن بعد الثورة الفرنسية 1789 اكتسبت هذه الممارسة أبعادا أخرى مثل : نسف الأحزاب السياسية و التجمعات العمالية من الداخل، و تجنيد العملاء ضد المضربين و الدعاة الى العصيان، وتنظيم بوليس ــ تحتي ــ يعمل بالتنسيق المباشر مع البوليس الشرعي، و مؤهل ــ عند اللزوم ــ لأن يصبح جيشا موازيا "
هذا الجنوح كالسرقة، واغتصاب، و النشل، و النصب، و الاحتيال....الخ لا يهدد المصالح الاقتصادية و لا يشكل خطرا سياسيا على أنظمة الحكم، لأنه موجه لنفس الانتماء الطبقي للجانح، ولهذا فالمؤسسة السجنية تهدف الى اعادة انتاج الجنوح و اللاشرعية، ولا تريد في جوهرها القضاء عليه ، وذلك من أجل خدمة حلقات الربح لصالح الطبقة المسيطرة.
وبهذا يغدو السجن ثكنة " لتجنيد" الوشاة و المخبرين، و يصبح بذلك الجنوح كلاشرعية غير ضارة ، مجندا لمواجهة لاشرعيات من شأنها أن تهدد المصالح الإقتصادية و السياسية للطبقة الحاكمة الأحزاب التنظيمات العمالية الحركات الاحتجاجية...الخ، ووواحد من " سلع" المؤسسة السجنية، و أحد دواليب البوليس وأحد أدواته.
تشكل الحلقة الثلاثية : بوليس ــ سجن ــ جنوح حلقة لا تنفصل أبدا، آلية تقدم الرقابة البوليسية، بحيث يحول السجن المخالفين الى جانحين،هؤلاء يصبحون أهدافا و مساعدين للمراقبات البوليسية التي تعيد بانتظام ارسال البعض منهم إلى السجن.
الكرامة الانسانية والحق في الثورة - زهير الخويلدي
" ان مهمة الثورة هي منح الوزن الى المحبة"[1]
استهلال:
لا قيمة للإنسان في واقع الاستبداد ولا مكان للحرية في البلدان ذات المنهج الشمولي، والتركيز يكون دائما من قبل الفئة الحاكمة وزبانيتها على طرق الكسب ووسائل الربح وتحصيل الثروة والهدف الأقصى للأنظمة الفاسدة هو المحافظة على السلطة واخضاع الأفراد بالقوة ونهب الخيرات وسلبها من العباد.
كما يعاني المجتمع الانساني عامة والعربي الاسلامي خاصة زمن العولمة نقصا فادحا في التعبيرات الايجابية عن الاحترام للذات البشرية والاعتراف بالغير ومن خلع للكرامة خاصة عند الذين يطلبون المساعدة العاجلة والحماية الاجتماعية ولما تواجه مطالبهم واستغاثاتهم بالإهمال واللامبالاة وينسى الذين يتحملون المسؤولية أنهم يمكن أن يكونوا في يوم ما في مكانهم وأنهم قد يتحولوا بمفعول الزمن الى مرضى وفقراء ومتقدمين في السن وفاقدي السند ويحتاجون الى الرفق والعناية والوضع على الذمة.
ربما يكون الشعور بالمهانة والغربة ومكابدته للاستغلال والظلم والاحتقار من طرف القوي للضعيف والغني للفقير وطلب المرء أن يكون عزيزا وأن يشعر بالكرامة في وطنه وبين أهله هي من أهم الأسباب التي وقفت وراء تفجر الثورة العربية ولذلك حصل اجماع على تسميتها بثورة الكرامة والعزة.
محنة الإعلام السوري في مطابخ الفضائيات العربية - 1: تغطية "الجزيرة" كشفت رفْعَ الغطاء عن النظام في دمشق
انعكس الحراك الكبير الذي تشهده المنطقة العربية على الفضائيات العربية بشكل غير مسبوق، فبعد سحب بث قنوات مثل الجزيرة والعربية عن شبكة "نيل سات" خلال الثورة المصرية، وتطوع قنوات اخرى لنقلها، ثم التشويش على القنوات من مراكز التشويش الفائقة التقنية من ليبيا مع بدء احداثها، وصولا الى اغلاق المكاتب واعتقال وضرب او قتل المراسلين، دخل الامر مع الحدث السوري طوراً جديدا تمارس فيه الضغوط هذه كلها.
يمكننا توقيت ابتداء مسلسل الضغوط السورية مع تهديدات شديدة اللهجة وجهت الى موظفي قناة "المشرق" (اورينت) السورية التي تبث من دبي، قدم على اثرها 17 شخصا استقالة جماعية، وانسحب اغلبهم تاركين القناة في وضع لا تحسد عليه، بل قام مساعد مصور مستقيل منهم قدمته قناة "الدنيا" السورية على انه "الاعلامي الكبير حمادة سميسم" بتوجيه اتهامات كبيرة للقناة، ثم بدأت حملات تشويش على البث، تبعها انقطاع مفاجئ للبث نتيجة قرار قضائي "غامض" عزاه البعض لايران وآخرون لامارة الفجيرة، وهو امر استمر قرابة الشهر قبل ان تعود القناة بترددات جديدة.