
لفحني تيار هواء بارد، تغلغل إلى مسامي كلها. أغمضت عيني.. لوهلة فقط. فتحتهما لأرى..
لا أذكر ما الذي أتى بي إلى هنا.. حاولت أن أتذكر، دون جدوى.. أي اسم أحمله، أي تاريخ أمتلكه، ما الدافع للحظة العبور هاته؟
تخلت عني الذاكرة.. حاولت أن أفكر بعقلانية، هل لخطوتي هذه أهمية، هل ستخلدني. ربما تطهرني من ذنوبي.. أو أنها تكون خطيئتي الأكبر؟
لم يسعفني ذراعي المتهاوي لأرسل تحية لطائر اعترض مساري.. قاومت انجرافي، ورسمت له في مخيلتي مكانا في الفردوس..
تذكرت.. لوحاتي على الرصيف .. ابتسامة دون وجه، جدولا بدون ماء..
قال لي متعهد ما:
أرسم لوحات الفنتازيا والفلكلور.. نساء تقليديات ووجوها ملفوحة بالشمس.. هذا ما يطلبه السياح..
لكن الريشة كانت تأبى أن تطاوع جوعي.. مذ أصابتني باللعنة وأنا أعيش على الهامش.. كل ذنبي أني أردت تخليد الوجوه الكئيبة لسكان المدينة على أسوارها.
والدي الفقيه الذي يصلي بالناس، الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، استنكر تعلقي بالألوان.. وأعلن رسوماتي حراما ورذيلة..